¨°o.O ( ملتقي الشهيد رامي كريم) O.o° -

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
¨°o.O ( ملتقي الشهيد رامي كريم) O.o° -

اجتماعى ثقافى ترفيهى

دخول

لقد نسيت كلمة السر

المواضيع الأخيرة

» الان لعبة Age of Empires 2 Gold Edition كاملة وبروابط سريعة ... لا تفووووووووووووووتك
معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ Emptyالجمعة أكتوبر 02, 2009 6:05 pm من طرف نسر الشرق

» اصابة مسؤل عسكري في كتائب ابو الريش بجروح خطيرة...
معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ Emptyالإثنين يناير 26, 2009 5:43 pm من طرف صقر جباليا

» أقسى حملة تهويد تشن ضد القدس .. وأبو حلبية يناشد بوقف جريمة الاحتلال
معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ Emptyالسبت يناير 24, 2009 7:56 pm من طرف صقر جباليا

» انا الزهرة الفتحاوي اقدم اليكم اسفي وعتذاري عما حدث بيني وبين الوردة البيضاء
معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ Emptyالسبت يناير 24, 2009 7:53 pm من طرف صقر جباليا

» أغنية الشهيد رامي كريم داري الدمع
معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ Emptyالإثنين يناير 19, 2009 12:25 pm من طرف فارس الاحزان

» اندماج في قطاع صناعة السلاح الأمريكي
معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ Emptyالسبت أغسطس 09, 2008 8:19 pm من طرف الفراشة

» اسئلة صريحة وشوي حزينة
معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ Emptyالأربعاء أغسطس 06, 2008 5:50 pm من طرف الزهرة الفتحاوي

» ايهما اصعب عليك؟؟؟؟
معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ Emptyالأربعاء أغسطس 06, 2008 5:00 pm من طرف الزهرة الفتحاوي

» حط احد الاعضاء تحت المر الواقع........لعبة حلوة كتير
معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ Emptyالأربعاء أغسطس 06, 2008 1:35 pm من طرف الفراشة

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 11 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 11 زائر

لا أحد


[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 121 بتاريخ الثلاثاء سبتمبر 24, 2024 12:13 pm

تحية الى كل الرفاق فى منتدى الشهيد رامى كريم (ابو هارون)

    معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:29 pm

    معارك حاسمة وأبطال خلدهم التاريخ
    مقدمة
    كان في ودّي , أن اضع هنا , موسوعة عن المعارك الحاسمة في الاسلام , والمعركة الحاسمة في الاسلام هي التي تكون القاصمة , بحيث لا يقوم للعدو بعدها قائمة , ولا يعود لهم أي تهديد على كيان الدولة الإسلامية ولا على المجتمع الإسلامي .
    ومعارك الإسلام الحاسمة كثيرة جدا .. قام بها السلف والخلف , فأوصلوا الإسلام والمسلمين الى هذه المكانة من الاتساع والإنتشار , فكانوا هم الأعلون دائما .


    وسنة الله في خلقه , تقول : " وتلك الأيام نداولها بين الناس " , " إن تنصروا الله ينصركم " , " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين , إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون " , " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد " , وغير ذلك .

    ثم ..
    يقول الله تعالى في سورة مريم {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا(59)إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا(60)جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَانُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا(61)لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلا سَلامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا(62)تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا(63)}

    ففي العصر الحديث , انقلب ميزان الأمة الاسلامية ودولتها , وتكالبت قوى الاستعمار الغربي الصليبي والنصراني عليها , وبتعاون مع بعض القوى الداخلية , استطاع الاستعمار الخبيث احتلال اقاليم وولايات الدولة الاسلامية المترامية الاطراف , ومن ثم قام بتقسيمها ووضع حدود وهمية بينها , من اجل ضمان استمرار تفرقها وضعفها , على اساس القاعدة الاستعمارية الغربية المعروفة , فرّق تسد . وكذلك فرض القوانين الوضعية الغربية بدل القوانين الشرعية التي تحكم الدولة الاسلامية .
    وقامت الثورات الدينية والشعبية والاصلاحية ضد هذا الاستعمار البغيض والمتسلط والمجرم .. حتى استطاعت هذه الدول المجزأة , تحقيق الاستقلال , ولكنها لم تستطع حتى الان العودة الى الوحدة الاندماجية التي هي فرض حتمي في الدولة الاسلامية , كما ان بعضها لا يزال يحاول اعادة تطبيق احكام الشريعة الاسلامية , كما هو المفروض في الدولة الاسلامية .

    ويأبى الله الا ان يستمر الجهاد الى يوم القيامة , ويأبى الله الا ان يتخذ من هذه الأمة المختارة المزيد من الشهداء ..
    وتستمر المعارك بين الاسلام وبين كافة قوى الكفر والظلم والعدوان والطغيان ..ف: الجهاد ماض إلى يوم القيامة .


    يقول ربنا الحكيم الخبير العليم الحليم في محكم التنزيل: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ (محمد:31)
    ويقول سبحانه: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ (الأنبياء:35)
    ويقول جل وعلا: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾(البقرة:155)
    ويقول المولى جل وعلا: ﴿ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْض ﴾ (محمد: 4)
    ويقول سبحانه: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (آل عمران:186)

    لكن كان هناك فرق بين مسلمي الأمس , ومسلمي اليوم ..
    مسلمو الأمس بذلوا كل ما يملكون من اجل الدين ومن اجل حماية دولة الاسلام واهلها , ولم يشغلهم عن ذلك شاغل , ومسلمو الامس اتخذوا من الايمان ومن العلم سلاحا جلب لهم النصر الذي كاد في بعض الحالات والأوضاع يظن أنه من ضغاث الاحلام ..
    قال تعالى : ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا ﴾سورة يوسف الآية 110. وجاء في البخاري: "وَتَلَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ( البقرة:214) .
    فيا من تمسكت بشرع الله لا تجزع ولا تترد ولا تنكص على عقبيك وأسأل الله الثبات على دينك واصدق مع ربك

    اما مسلمو اليوم فقد اشغلتهم الدنيا " ألهاكم التكاثر , حتى زرتم المقابر " , وما فطنوا الى الواجبات الملقاة على عاتقهم اتجاه دينهم ودولتهم وشعوب الامة الاسلامية .. الا من رحم ربي منهم .
    يعني , الكثير من المسلمين اليوم , مقصرون قي ذلك . ولا شك ان غير المقصر , سينال الثواب الذي يستحقه جزاء عمله , " وهل جزاء الاحسان الا الاحسان "


    إن الجهاد فى سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام ، وما تركه قوم إلا ذلوا ، ومنذ أن أمر الله المسلمين بقتال المشركين فى قوله تعالى : ( وقاتلوا المشركين كافة كما يُقاتلونكم كافة ) ( التوبة : 36 ) ، انطلقت كتائب الجهاد فى سبيل الله تفتح البلاد شرقاً وغرباً ابتغاء رضا الله ( فليقاتل فى سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل فى سبيل الله فيُقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيماً ) ( النساء : 74 ) .

    وكانت كتائب الجهاد تدرك هدفها جيداً ، فقد كانت رسالتها فى كل لقاء لها مع أعداء الله واضحة ، وهى :" إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام " .

    وكان يقود هذه الكتائب قادة عظام صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فنصرهم الله ، وفتح على أيديهم ، وأيدهم على أعدائهم فى معارك فاصلة .

    وقادة الفتح الإسلامى ضربوا أروع الأمثلة فى فنون القيادة والحرب ، وكانت المعارك الحربية التى قادوها دليلاً على عبقريتهم وعظمتهم ، والله نسأل أن يرزق أمتنا بأمثال هؤلاء القادة الأفذاذ ، فيفتح الله على أيديهم ، ويعيدوا للإسلام عزه ومجده

    وقد نصت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وطلبت من المسلمين العمل على الاهتمام بمستقبلهم الدنيوي، لكسب مستقبلهم الأخروي، وأمرتهم بالإعداد والاستعداد ،وحثتهم على إحكام العدة، وإتقان التطلع .
    والمسلمون الأوائل كانوا , من اصحاب التخطيط للمدى البعيد، وكان إيمانهم الساطع، ويقينهم التام في أن مستقبلهم بين يدي اللّه عز وجل، خير حافز لهم لتخطي العقبات ومواجهة التحديات، والعمل لصالح قومهم والأجيال المقبلة من ذريتهم، حتى أنهم رأوا المستقبل في أنفسهم، ورأوه في أبنائهم وأبناء من يدخلون في دين الله أفواجاً، زمنهم وزمن من بعدهم، التواقون للحرية والانعتاق من جبروت الطغاة، فهاجروا من ديارهم، وضحوا بدنياهم في سبيل دينهم، كي يعيشوا ويعيش الخلف في رغد من العيش، وحرية في الدين، تضمن حياته ومستقبله ومستقبل دينه.

    وعرفت ساحات القتال في معارك الفتوح العربية الاسلامية عدداً كبيراً من المعارك الحاسمة، كما عرفت وحفظت أسماء شهداء بقيت تضحياتهم مناراً في سماء الدنيا، تتطلع إليها أبصار الأجيال جيلاً بعد جيل، وتستمد من وهجها ما يضيء دروب المستقبل.

    لكن ينبغي على كل المسلمين التعاضد والتوحد , متذكرين قوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا..
    ومتذكرين المثل القائل أكلت يوم أكل الثور الأبيض ..
    فالله المستعان
    ---
    ومن خلال قراءة قصص المعارك الحاسمة يمكن استخلاص ما يلي:
    *أولاً: إن هذه المعارك هي مما يتم تصنيفها في إطار (حروب الإيمان) حيث يتدخل العامل المعنوي ليكون المعاوض عن التفوق المادي للعدد، ففي هذه المعارك، كما في غيرها من معارك حروب الإيمان، كانت قوى العدو متفوقة بنسبة تتراوح بين واحد إلى خمسة وأحياناً بنسبة أكبر في غير صالح المسلمين، ومع ذلك استطاع المجاهدون في سبيل الله تحقيق انتصاراتهم؛ بفضل نصر الله لهم.
    *ثانياً: تظهر سيرة قادة المعارك؛ الصفات المشتركة التي يتحلى بها قادة الجيوش الاسلامية من الفضائل الحربية، وما ظهر منها بوضوح: فضيلة الشجاعة في مواجهة الخطر؛ واتخاذ القرارات الصحيحة؛ وإدارة الأعمال القتالية بكفاءة عالية، والصبر على شدة البأس، والاستعداد الدائم للقتال.
    *ثالثاً: ولعل ما هو أكثر أهمية مما تبرزه هذه المعارك الثلاث- على ما بينها من تباعد زمني؛ وعلى ما بينها من تباين في الطبيعة الجغرافية لمسارح العمليات؛ وعلاوة أيضاً على الاختلاف في أجناس وطبائع أعداء الاسلام في القارات الثلاث: آسيا وأفريقيا واوروبا... أن الفتوح الإسلامية ما كانت إلا استجابة للتحديات التي حاول فرضها أعداء الإسلام على العرب المسلمين؛ فقد كان الفرس في آسيا، وكان الروم والبربر في أفريقيا، وكان الروم وأنصارهم من الصليبيين في الغرب، هم الذين دفعوا المسلمين لتطوير حروبهم عبر محاولاتهم المستمرة (لإطفاء نور الله) والنيل من راية الاسلام التي حمل العرب المسلمون رايتها؛ ونقلوها إلى كل شعوب الأرض. ولهذا؛ وبقيت رايات الجهاد في سبيل الله خفاقة في سماء الدنيا.

    فالمعركة الحاسمة هي ما يتعارف عليه اليوم بمصطلح الاستراتيجية ..
    فالاستراتيجية لغة هي فن قيادة الجيش، أو فن قيادة الحروب .. وما دامت "الاستراتيجية" هي فن قيادة المعارك، فهي تعتمد أساساً على استقراء الواقع واستشراف المستقبل لأنها تتكون من عنصرين أساسيين : الإقدام والابتسار. فعنصر الإقدام يتعلق أكثر بشكل الوسائل والجيوش في الاستراتيجيات العسكرية، إذ يقتضي معرفة تامة بالواقع، والابتسار يتعلق أساساً بتوقع ردود الفعل، وهو أمر يحتاج إلى استشراف للمستقبل، وإلى معرفة وطرح مختلف السيناريوهات والمشاهد المحتملة، حتى يمكن للاستراتيجي أن يستوعب مختلف ردود الفعل الممكنة والمحتملة.

    والاستراتيجية اصطلاحا هي فن استخدام المعارك كوسيلة لتحقيق أهــداف الحــــرب. دلالة على فن استخدام الوسائل الموضوعة تحت تصرف القائد العسكري لتحقيق أهداف الحرب. أي دخول المعارك الحاسمة للقضاء على جيش العدو وتحطيم إمكانياته.
    فالاستراتيجية تصبو إلى أهداف معينة، وتخطط لإنجازها بالوسائل الممكنة، محاولة أن تجمع ما استطاعت من معلومات، ولكنها تضع نصب أعينها أنه في حالة الفشل، ستتصرف بنوع مدروس ضمن بنودها لتستدرك قواها وتستجمع أدواتها، كي تباغت من جديد ذلك العدو الذي تواجهه، وحتى تصل إلى مرادها. محركها في كل ذلك الإقدام، ودليلها إبان كل ذلك الابتسار.

    والاستراتيجية تختلف عن التكتيك الذي يعني فن تنفيذ الخطط، كون الاستراتيجية تستخدم كل الوسائل والمعارف والمواد لتحقيق أهداف معينة، فهناك تكامل وتداخل بين الأهداف والوسائل، وعلى قدر تسلسل الأهداف واختيار أفضل الوسائل لتحقيقها، يكون تطور مستويات اتخاذ القرار.
    والاستراتيجية غالباً ما تترادف مع التخطيط، لكن التخطيط يتضمن عدة عمليات، من بينها انتقاء الأهداف واختيارها ووضعها، أما الاستراتيجية فهي كيفية الوصول إلى تلك الأهداف، وذلك مضمونها وموضوعها. فنحن حين نباشر موضوعاً ما مـن الـناحية الاسـتراتيجية، لابد وأن نجـيب عـلـى الأسـئـلة التـالية : ماذا ؟ ومـتى ؟ وكيف ؟ وفي خضم هذه الأسئلة يتحدد الإطار والأسلوب الذي من خلاله ستتم تعبئة وتنسيق وتوجيه الطاقات والموارد والقوى البشرية والمادية والمعنوية والمالية المتاحة في الحاضر والمستقبل، بغية تحقيق أهداف محددة ومرسومة من طرف التنظيم المشرف على عملية التخطيط أو عملية وضع الاستراتيجية.

    وقد لا يكون من الضروري أن يدخل القائد معارك حاسمة لتحطيم جيوش أعدائه، ولكن قد يكون من الأفضل، تحت ظروف معينة، استخدام خطة أهداف محدودة تعتمد على تحطيم معنوياتهم، وتعطيل حركتهم بضرب مؤخراتهم ومراكز اتصالهم وتموينهم، فالمهم أن يصل إلى الانتصار، بحسب الخطة التي اتبعها، والوسائل الموضوعة تحت إشارته أو رقابته، والسياسة التي انتهجها للوصول إلى ذلك الانتصار

    ---
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:29 pm

    ألب أرسلان - الأسدالباسل محطم الإمبراطورية البيزنطية
    وفي يوم الجمعة 7 ذي القعدة 463 هجرية ـ 26 أغسطس 1071 ميلادية قام ألب أرسلان وصلى بالناس وبكى خشوعاً وتأثراً ودعا الله عز وجل طويلاً ومرغ وجهه في التراب تذللاً بين يدي الله واستغاث به، ثم لبس كفنه وتحنط وعقد ذنب فرسه بيديه ثم قال للجنود {من أراد منكم أن يرجع فليرجع فإنه لا سلطان هاهنا إلا الله} ثم امتطى جواده ونادى بأعلى صوته في أرض المعركة {إن هزمت فإنى لا أرجع أبداً فإن ساحة الحرب تغدو قبري} وبهذا المشهد الذي ينفطر له أقسى القلوب وتخشع أمامه أشقى النفوس استطاع 'ألب أرسلان' أن يحول 15 ألف جندي إلى 15 ألف أسد كاسر ضاري .

    ألب أرسلان
    كتبه : شريف عبد العزيز
    مقدمة
    هناك خلط عند بعض المسلمين الذين لم يتعرفوا على تاريخ أمتهم المجيد ,فلا يميزون بين القوى المعادية التي حاربت الأمة الإسلامية في العصور والمراحل التاريخية، فهم جميعاً في نظرهم 'صليبيين' وهذا المسمى في حقيقته واحد, إلا إن التفرقة واجبة للتعرف على فصول الصراع مع كل طرف على حدة وخلفيات وأبعاد وتداعيات هذا الصراع وهل مازال قائماً أم طوته الأيام والليالي.
    فلقد خاضت الأمة الإسلامية معارك كثيرة ومهولة مع عدوين كلاهما يرفع راية الصليب ويحارب باسمها وتحتها :
    العدو الأول الفرنجة أو نصارى غرب أوروبا الذين شنوا الحملات الصليبية الشهيرة في أواخر القرن الخامس الهجري '489' هجرية على الشام ومصر بدافع وتحريض مباشر من كرسي البابوية كبير الكاثوليك ولقد استمرت هذه الحملات قرابة القرنين من الزمان ومثلت ذروة الصراع بين الإسلام والنصرانية والشرق والغرب في منتصف العصور الوسطى.
    أما العدو الثاني : فهم الروم أو الرومان البيزنطيون أو نصارى شرق أوروبا والبلقان حيث الإمبراطورية البيزنطية القديمة العريقة حامية وراعية المذهب الأرثوذكسي، وكانت هذه الإمبراطورية الرومانية قد بسطت نفوذها على الشام والجزيرة الفراتية والأناضول ومصر وليبيا وتونس قبل ظهور الإسلام، وهذه الإمبراطورية هي أول عدو من خارج الجزيرة العربية يصطدم مع المسلمين وكان اللقاء مبكراً جداً في معركة مؤتة سنة '8' هجرية وظل الصراع قائماً بعدها ضد هذه الإمبراطورية وخاض المسلمون معارك رائعة ضدها وحققوا انتصارات عالمية عليها في مؤتة سنة 8 هجرية ثم تبوك سنة 9هجرية ثم اليرموك سنة 13 هجرية وحرر المسلمون الشام والجزيرة ومصر وليبيا وتونس من الرومان في عهد أبى بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ولكن ظلت هذه الإمبراطورية قائمة حتى جاء بطلنا الباسل 'ألب أرسلان' فنالت هذه الإمبراطورية على يديه الهزيمة العالمية التي غيرت مجرى التاريخ وأعادت ترتيب القوى العالمية وتحطمت الإمبراطورية البيزنطية وظلت تترنح بعد ضربة بطلنا الهمام 'ألب أرسلان' حتى خرجت من الساحة الدولية ولم يعد لها أثر ولا قوة .

    القوة الجديدة وسنة الاستبدال

    إن لله عز وجل سنناً لا تتبدل ولا تتخلف بإذن الله، وفقه هذه السنن من الأمور الهامة في حياة المسلمين أفراداً وأمماً، لأن هذه السنن من أهم دعائم بقاء الأمم واستمرارها وتمكنها وظهورها، وهذه السنن لا تعرف جوراً ولا محاباة، فهي جارية على خلق الله جميعاً مؤمنهم وكافرهم، فأيما أمة أو جماعة أو أفراد استوفوا شروطها وعملوا بمقتضياتها جرت عليهم السنن وجوداً وعدماً، سالباً وإيجاباً، ومن أعظم هذه السنن سنة الاستبدال التي جعلها الله عز وجل لحفظ دينه ونصرة شريعته .

    وعمل هذه السنة يقتضى أنه إذا لم يقم الجيل المسلم القائم بأعباء الدين والواجب المناط به تجاه الدعوة والأمة، فإن الله عز وجل يستبدل هذا الجيل ويأتي بالجيل القادر على حمل مسئولية الدين والأمة، وهذا ظاهر صراحة في قوله عز وجل [وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم] سورة 'محمد' الآية '38'، وقد عملت هذه السنة في دولة الخلافة العباسية التي بلغت مبلغاً بعيداً في الضعف والتفكك وتسلط الغير عليها وواجهت التحدي الأكبر لوجودها وشرعيتها عندما ظهرت الدولة الفاطمية العبيدية الباطنية الشيعية والتي استولت على مصر والشام والحجاز واليمن، وأصبح العالم الإسلامي مهيأ لظهور القوة الجديدة التي ستعيد لأمة الإسلام قوتها وشبابها، وكانت هذه القوة الجديدة : قوة السلاجقة وهي قبائل تركية ظهرت منذ أوائل القرن الخامس الهجري في سهول التركستان، وظلت في تقدم وتوسع وانتشار خاصة عندما آلت قيادة هذه القبائل للسلطان 'طغرلبك' الذي وسع نطاق نفوذ السلاجقة وأعلن ولائه الكامل للخليفة العباسي ولأهل السنة عموماً واتسعت دولة السلاجقة لتشمل خراسان وإيران وبلاد ما وراء النهر كلها .

    كان لظهور هذه القوة الجديدة أثر بعيد على الساحة العالمية خاصة عند القوى المعادية للإسلام وهي ممثلة في الإمبراطورية البيزنطية الصليبية والدولة الفاطمية الشيعية، فكلاهما لا يرغب في قوة جديدة للمسلمين، وبالفعل وقع الصدام بين السلاجقة والبيزنطيين عدة مرات ولكن كانت معركة 'أرزن' على حدود أرمينية سنة 450 هجرية وفيها انتصر السلاجقة انتصارا عظيماً ثبت وضع ومكانة السلاجقة على الساحة الدولية وخريطة القوى العالمية .
    واستمر 'طغرلبك' في جهاده ونصرته للخلافة العباسية والمسلمين حتى توفاه الله عز وجل سنة 455 هجرية ...
    وتولى السلطنة بعده بطلنا الجسور الأسد الباسل ألب أرسلان . وهو السلطان الكبير والملك العادل، عضد الدولة، أبو شجاع ألب أرسلان محمد بن جفرى بك داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق التركمانى، ومعنى ألب أرسلان بالتركية الأسد الباسل وكان حقاً منذ شبابه وقبل ولايته أسد باسلاً شجاعاً يستعين به عمه 'طغرلبك' في المهام الصعبة والجسيمة وكان في منزلة القائد العام للجيوش السلجوقية وهو دون الثلاثين من العمر وقد كلفه عمه 'طغرلبك' بأهم منصب في الدولة السلجوقية ألا وهو منصب حاكم إقليم خراسان المضطرب، فأبدى كفاءة وحزم وعزم شديد في مواجهة التحديات والصعوبات الكثيرة خاصة وأن دولة السلاجقة كانت مازالت بعد في مراحلها الأولى رغم قوتها وشبابها .

    الخلافات الطارئة

    لم يكد ألب أرسلان يستلم منصب السلطان حتى دبت خلافات طارئة داخل البيت السلجوقى، حيث ثار عليه بعض أقربائه منهم أخوه سليمان وعمه 'قتلمش' واضطر ألب أرسلان مكرَها أن يقاتل الخارجين عليه، وقد نصره الله عز وجل على خصومه على الرغم ما إن عمه قتلمش قد حاربه بتسعين ألفاً، في حين ألب أرسلان كان في اثني عشر ألفاً فقط، ولما علم ألب أرسلان نبأ مقتل عمه في المعركة بكى بشدة وتأسف على نهايته .
    بعد ذلك انشغل ألب أرسلان في القضاء على بعض الثورات الداخلية التي قام بها بعض حكام الأقاليم فلقد ثار حاكم إقليم 'كرمان' و غيره ،وعانى أيضاً ألب أرسلان من غارات القبائل التركمانية التي لا تنضوي تحت راية أحد وتعيش على السلب والنهب.

    استراتيجية القيادة الناجحة

    لقد ورث السلطان ألب أرسلان إمبراطورية عظيمة واسعة الأرجاء تمتد من سهول التركستان إلى ضفاف دجلة، بها الكثير من المدن الكبار والأقاليم الواسعة والشعوب المتباينة، لذلك فلقد كانت مسألة قيادة هذه الإمبراطورية في غاية الصعوبة وتحتاج لاستراتيجية حكيمة وقيادة قديرة، وهذا ما اتبعه الأسد الباسل 'ألب أرسلان' وذلك بإتباع الخطوات الآتية : ـ

    أولاً :ـ استخدام الرجال الأكفاء
    وكان ذلك حجر الزاوية في نجاح استراتيجية القيادة عند ألب أرسلان، فلقد استخدم ألب أرسلان في منصب الوزارة وهو أهم منصب في الدولة رجلاً قديراً كان سبب سعادة الدولة السلجوقية وهو الوزير العظيم 'نظام الملك' الذي جمع بين العلم والورع والحنكة السياسية والمقدرة القيادية وحب العلماء والصالحين والزهاد، ولقد استمر نظام الملك وزيراً طوال حكم ألب أرسلان وولده 'ملك شاه' من بعده أي استمر من سنة 455 هجرية ـ 485 هجرية، وهذا يؤكد على مدى أهمية البطانة الصالحة والرجال الأكفاء في المناصب الحساسة، فكم من وزيراً وقائد أضاع أمته أما بجهالة أو عمالة أو طمع في الدنيا، وكم عانت الأمة الإسلامية من رجال وسُد إليهم الأمر وهم من غير أهله، فضاعوا وأضاعوا وضلوا وأضلوا .

    ثانياً :ـ تأليف الخصوم
    عندما ظهرت القبائل السلجوقية اصطدمت بقوة مع الدولة السبكتكينية التي كانت تسيطر وقتها على خراسان وسهولها التركستان والسند، ودارت بين السلاجقة ومحمود بن سبكتكين ثم ولده مسعود معارك كثيرة وطاحنة استمرت قرابة الخمسين سنة في صراع بدا للعيان أنه لن ينتهي أبداً، حتى جاء الأسد الباسل إلى السلطة وقرر حسم هذا الصراع الطويل ليتفرغ إلى مهمته الأصلية: فتح القسطنطينية وفتح مصر، واستطاع ألب أرسلان أن يتألف خصمه اللدود الدولة السبكتكينية بأيسر السبل بأن صاهر سلطانها على ابنته فزوجها لابنه 'إياز'، ثم صاهر سلطان الدولة الخانية [بلاد ما وراء نهر جيحون[ على ابنته أيضا، فزوجها لابنه الآخر 'تكش' وهكذا استطاع ألب أرسلان أن يؤلف خصومه وألد أعدائه وجعلهم أقرباه وأهله وهذا من قمة الذكاء الاستراتيجي للقائد القدير .
    كانت أيضا القبائل التركمانية من أشد خصوم السلاجقة رغم الاتفاق العرقي بين الطرفين فالسلاجقة أصلاً من التركمان، ولكن هذه القبائل الموجودة في منطقة الأناضول أو آسيا الصغرى كانت تعيش على السلب والنهب والإغارة على المسلمين والرومان على حد السواء، فقرر ألب أرسلان استغلال هذه الطاقة الهجومية عند هذه القبائل في الإغارة على الدولة البيزنطية وحدها دون المسلمين، وهو ما نجح فيه ألب أرسلان باقتدار، حتى أصبحت هذه القبائل هي أكبر تهديد يواجه الدولة البيزنطية وعنصر قلق دائم لها خاصة في منطقة 'أرمينية' .

    ثالثاً:ـ إتباع أسباب البقاء
    إن للبقاء أسباباً وللاستمرار عوامل ومعطيات من تناولها وعمل بها تم له البقاء والصمود حتى حين، وهذا ما أدركه السلطان ألب أرسلان جيداً،فسار في رعيته سيرة حسنة صالحة ضمنت له رضا الناس عنه، فقد كان ألب أرسلان كريماً، رحيماً، شفوقاً على الرعية، رفيقاً على الفقراء باراً بأهله وأصحابه ومماليكه، كثير الدعاء بدوام النعم عليه، كثير الصدقات، لم يعرف في زمانه جناية ولا مصادرة، فلا يأخذ من أموال الرعية إلا ما حل للدولة من خراج وزكاة، له سياسة عظيمة مع ولاته وعماله، فلقد كتب إليه بعض الوشاة في وزيره 'نظام الملك' فاستدعاه ثم قال له {خذ إن كان هذا صحيحاً، فهذب أخلاقك وأصلح أحوالك وإن كذبوا فاغفر لهم زلتهم}، كما كان ألب أرسلان شديد الحرص على حفظ مال الرعية فلقد بلغه يوماُ أن أحد مماليكه قد أخذ إزاراً لأحد الناس ظلماً، فأمر بصلبه حتى يرتدع باقي المماليك عن الظلم، وهكذا نرى هذا القائد الحكيم قد أدرك بفطرته القيادية أسباب البقاء فسار على طريقها واتبعها خير إتباع .
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:30 pm

    بين المطرقة والسندان
    كانت الدولة السلجوقية الكبيرة تقع بين عدوين كبيرين كلاهما يتربص بهذه القوة الجديدة، العدو الأول الإمبراطورية البيزنطية عريقة العداء مع المسلمين، والعدو الثاني الدولة العبيدية الخبيثة في مصر، وكان ألب أرسلان في الحقيقة يريد أن يفتح مصر أولاً وذلك لعدة اعتبارات : منها تخليص العالم الإسلامي من حالة الفوضى القيادية في ظل وجود خلافتين ، ومنها القضاء على منبع تصدير الشرور والضلالات والاغتيالات في الأمة الإسلامية .

    ومن أجل التفرغ لفتح مصر والشام كان لابد على الأسد الباسل ألب أرسلان أن يؤمن حدوده مع الأقاليم الأرمينية والجورجية التابعة للدولة البيزنطية والمتاخمة لبلاده، وكان كما ذكرنا آنفاً قد استعان بقبائل التركمان ووجه طاقاتهم القتالية لصالح المسلمين، فأغاروا على هذه الحدود وقاموا بدورهم في إضعاف القوى الدفاعية للدولة البيزنطية، ولكن هذه الغارات المقطعة لم تصرف همة الأسد ألب أرسلان لئن يسدد ضربة موجعة للدولة البيزنطية تنشغل بها حيناً من الدهر ريثما يقوم هو بمشروعه الكبير في فتح الشام ومصر وإسقاط الدولة العبيدية الخبيثة .

    ضربة الأسد
    هذه الضربة قام بها الأسد الباسل 'ألب أرسلان' بعد انتهائه مباشرة من خلافاته الطارئة مع عمه 'قتلمش' حيث توغل بجيوشه إلى قلب الأناضول قاصداً مدينة قيصرية الغنية التي فتحها ألب أرسلان في ربيع الثاني سنة 456 هجرية , ثم توجه بعدها إلى أذربيجان ثم إلى أرمينية وبلاد الكرج 'جورجيا الآن' في جيش ضخم قسمه إلى جزأين، جزء يقوده ولده وولى عهده 'ملكشاة' ووزيره الشهير 'نظام الملك' واتجه ناحية القواعد الجبلية، والجزء الأخر يقوده ألب أرسلان نفسه وتوجه إلى مدينة 'آني' عاصمة أرمينية البيزنطية واجتمع مع الجزء الأول من الجيش على حصار المدينة العريقة لعدة شهور حتى فتحها في أواخر سنة 456 هجرية، وبذلك سيطر السلاجقة على أرمينية التي كانت بمثابة الحصن المنيع لبيزنطة من الشرق، وتلقت الدولة البيزنطية ضربة موجعة من الأسد الباسل جعلتها تعيد ترتيب أوراقها وتفكر في تغيير قياداتها وأسلوب معاركها وهذا ما سيظهر أثره في معركة ملازكرد .

    العودة إلى الهدف الأول
    بعد نجاح ألب أرسلان في فتح أرمينية البيزنطية والكرج قرر الأسد العودة إلى الهدف الأول وهو فتح الشام ومصر، فتوجه إلى شمال الشام الذي كان به العديد من أمراء المسلمين الموالين للدولة البيزنطية وأيضا موالين للدولة الفاطمية، وهاجم ألب أرسلان القلاع البيزنطية في الرها وأنطاكية وقيسارية، وأخضع بني شداد في حران وبني عقيل في الموصل وكان ولاؤهم للفاطميين، ثم عبر نهر الفرات واتجه إلى مدينة حلب ومنها إلى نفوذه كي يحمى ظهره من الخطر الشيعي حيث كان أميرها محمود بن صالح شيعياً فاطمياً .

    الصحوة
    في هذه الفترة الذهبية للدولة الإسلامية والتي كان فيها الأسد الباسل ناشراً رايات الجهاد على عدة جبهات، كانت الدولة البيزنطية تضطرم بروح انتقامية عارمة وتبحث عن القيادة القادرة على صد السلاجقة والقبائل التركمانية التي أنهكت القوى الدفاعية للإمبراطورية العجوز وقد وجدت الدولة البيزنطية ضالتها في القائد العسكري الشاب 'رومانوس ديوجين' الذي لمع نجمه بعد عدة انتصارات حققها في القتال ضد البوشناق في بلغاريا فانعقدت عليه الآمال وحطت عنده الرحال خاصة بعد ثلاثة انتصارات متتالية على بعض أمراء المسلمين في الفترة ما بين سنة 461 ـ 463 هجرية، فتربع إمبراطوراً على بيزنطة وتلقب برومانوس الرابع وأخذ في التحضير لعمل عسكري ضخم ضد المسلمين ينهي بها وجودهم في منطقة آسيا الصغرى والجزيرة وشمال الشام، وبالفعل بعد عدة شهور من توليه العرش البيزنطي بدأ العمل في سد المنافذ التي استخدمها السلاجقة في التدفق على أراضى الإمبراطورية، كما سعى إلى احتلال بعض المواقع الإستراتيجية في بلاد الشام والجزيرة الفراتية، وشن ثلاث حملات ضد إمارة حلب في الشام ثم الجزيرة فاستولى خلالها على مدينة 'منبج' ثم قام في الثالثة بالهجوم على أرمينية الإسلامية، فاستولى على كثير من الحصون وشحنها بالمقاتلين واستعد لمعركة حاسمة لم يكن يدرى أنها بالفعل ستكون حاسمة وللأبد ولكن عليه لا له.

    معركة ملازكرد

    حشد 'رومانوس' كل ما استطاع من القوى اللازمة لتحطيم الأمة الإسلامية، واستعان بالفرق الفرنجية من غرب أوروبا كمرتزقة في جيشه واستعان أيضا بالقبائل الروسية وكانت حديثة عهد بالنصرانية وانضم إليه كثير من الأرمن والجورجيين وتضخم جيشه حتى وصل لأكثر من ثلاثمائة ألف مقاتل وفي نيته قلع الأمة الإسلامية من أساسها ومحو الإسلام كدين والمسلمين كأمة .

    وصلت الأنباء للسلطان ألب أرسلان وهو في مدينة 'خوى' من أعمال أذربيجان فقرر رغم قلة جيشه الزحف باتجاه الجيش العملاق لوقف تقدمه بأرض الإسلام، في حين واصل رومانوس زحفه حتى وصل إلى مدينة ملازكرد [وتنطق أيضا منازجرد ومنازكرد ] وهي بلدة حصينة تقع على فرع نهر 'مرادسو' بقلب الأناضول وهذه المدينة مازالت موجودة حتى الآن بتركيا .

    انطلق الأسد الباسل بمنتهي السرعة مستغلاً خفة حركته لقلة جيشه وذلك لنجدة المدينة المحاصرة وجاءت أول بشارات النصر عندما التقت قوات الاستطلاع المسلمة بطلائع الروم وكانوا من القبائل الروسية فانتصر المسلمون ووقع قائد الروم الروسي 'بازيلكوس' في الأسر .

    ورغم هذا الانتصار المشجع إلا إن ألب أرسلان الذي كان يقدر مدى الفارق الكبير بين الجيشين أرسل إلى رومانوس يطلب الهدنة ولكن هذا الطلب جعل رومانوس يغتر بكثرته وتفوقه في العدد والعدة ورد على طلب السلطان بالهدنة بأن قال لا هدنة إلا في الري] والري هي عاصمة الدولة السلجوقية ولم يعلم رومانوس أنه بذلك قد كتب نهايته ونهاية دولته البائسة .

    الأسد بطل ملازكرد

    لما وصل هذا الرد المستفز للأسد الباسل 'ألب أرسلان' حميت عزيمته واشتعلت الغيرة على الإسلام في قلبه واستوثق الإيمان في نفسه وتأكد من صحة عزم هذا الصليبي على إبادة الأمة الإسلامية وقرر التصدي له وحده وبمن معه من جنود، على الرغم من التفاوت الشاسع بين الجيشين فالروم البيزنطيون وحلفاؤهم أكثر من ثلاثمائة ألف، والمسلمين في خمسة عشر ألف فقط لا غير .

    كان ألب أرسلان مؤمناً صادقاً غيوراً يعلم أن الله عز وجل سوف ينصره لأنه على الحق وعدوه على الباطل،وكان من عادة هذا السلطان الصالح أن يصطحب معه في غزواته وحملاته الجهادية العديد من العلماء والفقهاء والزهاد كقيادة روحية ومرجعية دينية، وكان معه في هذه المرة الفقيه الكبير [أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري] الذي قال لألب أرسلان هذه العبارة الرائعة [إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره وإظهاره على سائر الأديان، وأرجو أن يكون الله تعالى قد كتب باسمك هذا الفتح فالقهم يوم الجمعة بعد الزوال في الساعة التي يكون الخطباء فيها على المنابر فإنهم يدعون للمجاهدين بالنصر] .

    وبالفعل استجاب الأسد الباسل لهذه النصيحة الغالية التي تشرح بأوجز العبارات أسباب الانتصار المادية والمعنوية، فالمجاهدون يحتاجون تماماً للدعاء مثلما يحتاجون إلى السيف والرمح، وفي يوم الجمعة 7 ذي القعدة 463 هجرية ـ 26 أغسطس 1071 ميلادية قام ألب أرسلان وصلى بالناس وبكى خشوعاً وتأثراً ودعا الله عز وجل طويلاً ومرغ وجهه في التراب تذللاً بين يدي الله واستغاث به، ثم لبس كفنه وتحنط وعقد ذنب فرسه بيديه ثم قال للجنود {من أراد منكم أن يرجع فليرجع فإنه لا سلطان هاهنا إلا الله} ثم امتطى جواده ونادى بأعلى صوته في أرض المعركة {إن هزمت فإنى لا أرجع أبداً فإن ساحة الحرب تغدو قبري} وبهذا المشهد الذي ينفطر له أقسى القلوب وتخشع أمامه أشقى النفوس استطاع 'ألب أرسلان' أن يحول 15 ألف جندي إلى 15 ألف أسد كاسر ضاري .

    وعند الزوال اصطدم الجيشان وألب أرسلان على رأس جيشه يصول ويجول كالأسد الهصور ودارت معركة طاحنة في منتهي العنف حاول البيزنطيون حسم المعركة مبكراً مستغلين كثرتهم العددية الضخمة، ولكن ثبات المسلمين أذهلهم وأنساهم كل المعارك التي خاضوها من قبل حتى أصيب الروم بالتعب والإرهاق وذلك عند غروب الشمس، فحاول رومانوس الانسحاب إلى الخلف قليلاً للراحة ومواصلة القتال في اليوم التالي، وعندها انتهز الأسد الباسل الفرصة وشد بكامل جيشه على الرومان حتى أحدث بصفوفهم المنسحبة ثغرة، أنسال منها سلاح الفرسان الإسلامي إلى قلب الجيش البيزنطي وأمطروهم بوابل من السهام المميتة فوقعت مقتلة عظيمة وانكشفت صفوف البيزنطيين وركبوا بعضهم بعضاً وفرت الفرق الفرنجية المرتزقة من أرض المعركة ووقع في الأسر أعداد كبيرة منهم الإمبراطور 'رومانوس' نفسه.

    بين الأسد وفريسته

    في صباح اليوم التالي للمعركة أخذ القيصر الإمبراطور رومانوس الأسير، وكان أول قيصر يقع في أسر المسلمين، إلى معسكر ألب أرسلان أو عرين الأسد، ووقف الفريسة بين يدي الأسد، ومن الطبيعي جداً بل لا أكون متجاوزاً إذا قلت أنه يجب على الأسد ألا يترك فريسته تفلت منه دون عقاب ولابد أن يبطش بها بما يليق بجرم هذه الفريسة التي سول لها شيطانها أن تنتهك حرمة الأسد، ولكن الأسد الذي جمع بين الشجاعة والبسالة والإيمان واليقين أضاف إلى كل هذه الخصال العظيمة فضيلة العفو والصفح عند المقدرة .

    فبعد أن أناب ألب أرسلان رومانوس على جرائمه وضربه بيده ثلاث مقارع ووضع قدمه على هامة 'رومانوس' تحقيراً وإذلالاً له وجعله يقبل الأرض باتجاه بغداد حيث الخليفة العباسي لإظهار عز الإسلام وأهله ، قام بالعفو عن رومانوس نظير دفع فدية كبيرة وفك أسر كل الأسرى المسلمين في سائر بلاد الروم وإلزامه بالقسم بأغلظ الأيمان على عدم العودة مرة أخرى لقتال المسلمين .

    الآثار الخطيرة لملازكرد

    كانت الضربة الموجعة التي وجهها الأسد ألب أرسلان للإمبراطورية البيزنطية من أشد ما نالته هذه الدولة العريقة وكانت نذير السقوط الوشيك، فلقد فقدت الإمبراطورية لقب حامية الصليب وفتحت هذه المعركة الطريق لتدفق المسلمين في منطقة آسيا الصغرى وأقام السلاجقة دولة بالأناضول عرفت باسم سلطنة سلاجقة الروم، حيث إن ألب أرسلان بعد المعركة قام بعد المعركة بتعيين ابن عمه 'سليمان بن قتلمش' حاكماً على الأراضي المفتوحة بالأناضول [لاحظ أنه قد جعل سليمان بن قتلمش حاكماً رغم أن أباه قتلمش قد خرج عليه من قبل وقاتله، وذلك لتأليف بني عمومته وربما كنوع من راحة الضمير] .

    كما كانت هذه المعركة من أهم الأسباب الدافعة لتحريك الحملات الصليبية من غرب أوروبا بعدما ضعفت شرق أوروبا أو الدولة البيزنطية، ووصل الأمر لئن يذهب قيصر القسطنطينية 'ميخائيل السابع' والذي توج على العرش بعد وقوع 'رومانوس' في الأسر إلى 'روما' مستنجداً ببابا روما كبير الكاثوليك راكعاً على ركبتيه، باكياً بين يديه طالباً من شن حرباً صليبية من ناحية الغرب على المسلمين .

    مصرع الأسد
    إن المرء ليعجب من خواتيم أبطال الإسلام وعظمائهم الذين خاضوا غمار الكثير من المعارك وطلبوا الموت من كل مظانه وتعرضوا له في جميع مواطنه ووقفوا له في كل سبيل طلباً للشهادة، ثم يأتيهم حمام الموت غدراً بيد عميل أو خائن أو طامع أو حاسد أو مأجور وهذا ما حدث للأسد الباسل وهو في ريعان شبابه '41 سنة' وهو في قمة ظفره وتمكنه وعلو شأنه حتى حاز بحق لقب سلطان العالم وسلطان الدنيا والدين .
    وذلك عندما قام أحد الخارجين عليه واسمه يوسف الخوارزمي بطعنه بالسكين والسلطان يعاتبه على جرائم ارتكبها هذا المجرم الخارجي، لتنتهي هكذا في لحظة حياة هذا الأسد بطعنة غادر مجرم، ليهلل لموته كل أعداء الإسلام شرقاً وغرباً وتلتقط الدولة الفاطمية أنفاسها ويهدأ روعها بعدما أوشكت على السقوط والتهاوي تحت ضربات الأسد ولقد قتل الأسد ألب أرسلان في 10 ربيع الأول سنة 465 هجرية، وبمصرعه ظهرت الأطماع والشرور ورفع أعداء الإسلام رؤوسهم، وكما قال الحكيم [إنما ضغت الثعالب عندما غاب الأسد] .
    المراجع والمصادر
    الكامل في التاريخ /البداية والنهاية / المنتظم في التاريخ / النجوم الزاهرة / تاريخ دول أل سلجوق / العبر في خبر من غبر / سير أعلام النبلاء / وفيات الأعيان / شذرات الذهب / أيام الإسلام / التاريخ الإسلامي / أطلس تاريخ الإسلام
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:30 pm

    فتح القسطنطينية.. بشارة نبوية (في ذكرى فتحها 20 من جمادى الأولى 857هـ)

    فتح القسطنطينية بين الحلم والحقيقة (في ذكرى حصار مسلمة لها : 19 من المحرم 99هـ)

    سمير حلبي


    القسطنطينية.. أصر المسلمون على فتحها.. وقد كان.

    بدأ التفكير في فتح القسطنطينية يراود خيال خلفاء المسلمين منذ بداية العصر الأموي؛ فعندما ولي الخليفة "معاوية بن أبي سفيان" خلافة المسلمين كان في مقدمة الأهداف التي وضعها نصب عينيه فتح القسطنطينية أشهر مدن الدولة البيزنطية وعاصمتها المتألقة. وكان لموقع القسطنطينية المتميز أكبر الأثر في اتجاه أنظار المسلمين إلى فتحها، وانتزاعها من الإمبراطورية البيزنطية التي كانت مصدر قلق دائم للدولة الإسلامية، وضم تلك اللؤلؤة العزيزة إلى عقد الإمبراطورية الإسلامية الواعدة.
    كانت مدينة القسطنطينية محط أنظار المسلمين كأنها درة قد احتضنها خليج البسفور من الشرق والشمال، وامتدت من جهة الغرب لتتصل بالبر، وتطل أبراجها وحصونها في شموخ وكأنها تتحدى الطامعين فيها، وقد برزت أسوارها العالية من حولها في كل اتجاه فتتحطم عندها أحلام الغزاة وتنهار آمال الفاتحين.

    الحملة الأولى إلى القسطنطينية

    وبرغم تلك الأسوار المنيعة والأبراج الحصينة التي شيدها أباطرة البيزنطيين حول المدينة، فإن ذلك لم يفتّ في عضد معاوية، ولم يثنه عن السعي إلى فتح القسطنطينية.. وبدأ معاوية يستعد لتحقيق حلمه الكبير.
    استطاع معاوية في مدة وجيزة أن يجهز لأول حملة بحرية إلى القسطنطينية (سنة 49 هـ = 669م) حشد لها جيشا ضخما، وشارك فيها عدد كبير من الصحابة منهم "عبد الله بن عمر" و"عبد الله بن عباس" و"أبو أيوب الأنصاري"- رضي الله عنهم- وجعل عليها "سفيان بن عوف"، وأخرج معه ابنه "يزيد بن معاوية".
    ولكن تلك الحملة لم يكتب لها النجاح؛ فقد حال سوء الأحوال الجوية وبرودة الجو دون استمرار المسلمين في الحصار الذي فرضوه على المدينة، بالإضافة إلى قوة تحصين المدينة التي حالت دون فتحها. وعادت الحملة مرة أخرى بعد أن استشهد عدد من المسلمين، منهم الصحابي الجليل "أبو أيوب الأنصاري" , ودفن قرب أسوارها .
    ولكن معاوية لم ييئس، ولم يخبُ حماسه وإصراره على مواجهة هذا التحدي الجديد؛ فراح يعد لحملة جديدة، ومهد لذلك بالاستيلاء على عدد من الجزر البيزنطية في البحر المتوسط، مثل: جزيرة "كريت" وجزيرة "أرواد" في سنة (54 هـ = 674م).
    وكان معاوية يهدف من وراء ذلك إلى أن تكون هذه الجزر محطات للأسطول الإسلامي عند خروجه لغزو القسطنطينية.

    سر النار الإغريقية

    فرض المسلمون الحصار على المدينة المنيعة لدفعها إلى الاستسلام، واستمر الحصار من عام (54 هـ = 674م) إلى عام (60 هـ = 680م)، وتحمل المسلمون طوال تلك السنوات السبع كثيرا من الصعاب، وواجهوا العديد من المشاق والأخطار حتى فاجأهم البيزنطيون بسلاح جديد لم يألفه المسلمون من قبل وهو "النار الإغريقية"، وهي عبارة عن مزيج كيميائي من الكبريت والنفط والقار، فكان البيزنطيون يشعلونه ويقذفون به سفن الأسطول الإسلامي فتحترق بالنار وهي في الماء؛ مما اضطر المسلمين في النهاية إلى رفع الحصار عن المدينة والعودة مرة أخرى إلى دمشق بعد أن احترق عدد كبير من السفن واستشهد عدد كبير من الجنود.

    حملة سليمان بن عبد الملك

    أحجم المسلمون فترة من الزمان عن محاولة فتح القسطنطينية لمناعتها وتحصنها، حتى جاء الخليفة الأموي "سليمان بن عبد الملك" فبدأ يجهز جيشا ضخما بلغ نحو مائة ألف جندي، وزوده بنحو ألف وثمانمائة سفينة حربية، وجعل على رأسه أخاه "مسلمة بن عبد الملك".
    وانطلق مسلمة نحو القسطنطينية عام (98 هـ = 717م) فحاصرها مدة طويلة، وبرغم تلك الاستعدادات الكبيرة والإمكانات الضخمة الهائلة التي توافرت للجيش، فإن تلك المدينة استعصت عليه، وعجز عن فتحها، فبعث مسلمة أحد رجاله، ويدعى سليمان على رأس جيش يستطلع الطريق عبر آسيا الصغرى.
    وسار سليمان حتى بلغ عمورية فحاصرها مدة، وعلم أن "ليون" حاكم هذه المدينة يناهض الإمبراطور البيزنطي "تاود أسيوس" فأراد أن يخدعه ويستميله معه، ويغريه بعرش الإمبراطورية الرومانية، ولكن ليون تظاهر بمساعدته وأضمر في نفسه شيئا آخر، فدخل في مفاوضات مع المسلمين وطلب منهم رفع الحصار عن عمورية، ثم صحب جيش المسلمين قاصدا القسطنطينية، وأصبح ليون موضع ثقة المسلمين، فسمحوا له بأن يسبقهم إلى القسطنطينية.
    وسرعان ما كشف "ليون" عن حقيقة نواياه عندما احتل العاصمة البيزنطية واستطاع الوصول إلى العرش الإمبراطوري مستغلا وصول الحملة الإسلامية إلى القسطنطينية، فأسرع بتحصين المدينة وتدعيم أسوارها وتقويتها لمواجهة الحصار الإسلامي المرتقب.
    بدأ الحصار البحري لمدينة القسطنطينية في (19 من المحرم 99هـ = أول سبتمبر 717م) وعندما وصل إليها مسلمة بجيشه ضرب عليها حصارا شديدا قاسيا، واستمر حتى الشتاء، وتحمل المسلمون البرد القارس؛ حيث عانوا كثيرا؛ وجاء أسطول من مصر وآخر من شمال إفريقيا، كما وصلت نجدات برية أخرى. وأخذ المسلمون يهاجمون المدينة مستخدمين النفط، واستعانوا بسلاح جديد أشبه بالمدفع، وأظهر المقاتلون شجاعة نادرة وفدائية فريدة.
    وفي تلك الفترة التي اشتد فيها حصار المسلمين لمدينة القسطنطينية توفي الخليفة سليمان بن عبد الملك، وتولى بعده الخليفة "عمر بن عبد العزيز"، واستقر رأى الخليفة الجديد على سحب القوات الإسلامية المحاصِرة للقسطنطينية للإفادة منها في تأمين الدولة الإسلامية وتنظيمها قبل الاستمرار في الفتح والتوسع. وأرسل الخليفة في (12 من المحرم 100 هـ = 15 من أغسطس 718م) يطلب من مسلمة العودة بجيوشه وأساطيله إلى الشام بعد حصار دام اثني عشر شهرًا كاملة، بعد أن أدت دورها في إعزاز دولة الإسلام، وحمل البيزنطيين على التخلي عن أحلامهم وأطماعهم السابقة في استعادة أراضيهم التي انضوت تحت لواء الإمبراطورية الإسلامية الجديدة.

    تحقق الحلم

    وبرغم كل تلك المحاولات لفتح القسطنطينية، والتي لم يكتب لها النجاح؛ فقد ظل الاستيلاء على هذه المدينة حلما يداعب خيال المسلمين، وأملا يراود نفوسهم، وأمنية تجيش في صدورهم حتى استطاع السلطان العثماني "محمد الفاتح" أن يحقق ذلك الحلم بعد عدة قرون من الزمان، ويفتح القسطنطينية في سنة (857هـ = 1453م).


    فتح القسطنطينية.. بشارة نبوية

    انتظر المسلمون أكثر من ثمانية قرون حتى تحققت البشارة النبوية بفتح القسطنطينية، وكان حلمًا غاليا وأملا عزيزا راود القادة والفاتحين لم يُخب جذوته مر الأيام وكر السنين، وظل هدفا مشبوبا يثير في النفوس رغبة عارمة في تحقيقه حتى يكون صاحب الفتح هو محل ثناء النبي (صلى الله عليه وسلم) في قوله: "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش".

    وتجدد الأمل في فتح القسطنطينية في مطلع عهود العثمانيين، وملك على سلاطينهم حلم الفتح، وكانوا من أشد الناس حماسا للإسلام وأطبعهم على حياة الجندية؛ فحاصر المدينة العتيدة كل من السلطان بايزيد الأول ومراد الثاني، ولكن لم تكلل جهودهما بالنجاح والظفر، وشاء الله أن يكون محمد الثاني بن مراد الثاني هو صاحب الفتح العظيم والبشارة النبوية الكريمة.

    تابع >>>>>

    التوقيع
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:31 pm

    السلطان محمد الفاتح

    ولد السلطان محمد الفاتح في (27 من رجب 835 هـ= 30 من مارس 1432م)، ونشأ في كنف أبيه السلطان مراد الثاني سابع سلاطين الدولة العثمانية، الذي تعهده بالرعاية والتعليم؛ ليكون جديرا بالسلطنة والنهوض بتبعاتها؛ فحفظ القرآن وقرأ الحديث وتعلم الفقه ودرس الرياضيات والفلك، وأتقن فنون الحرب والقتال، وأجاد العربية والفارسية واللاتينية واليونانية، واشترك في الحروب والغزوات، وبعد وفاة أبيه في (5 من المحرم 855هـ = 7 من فبراير 1451م) تولى الفاتح السلطنة فتى في الثانية والعشرين من عمره وافر العزم شديد الطموح.

    شاء الله أن يكون محمد الثاني بن مراد الثاني هو صاحب الفتح العظيم والبشارة النبوية الكريمة , في قول النبي (صلى الله عليه وسلم) : "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش". فكان يقول .. ادعو الله ان اكون انا هذا الامير وان يكون جيشي هذا الجيش .

    بناء قلعة رومللي حصار

    كان السلطان بايزيد الأول قد أنشأ على ضفة البوسفور الآسيوية في أثناء حصاره للقسطنطينية حصنا تجاه أسوارها عُرف باسم قلعة الأناضول، وكانت تقوم على أضيق نقطة من مضيق البوسفور، وعزم محمد الفاتح أن يبني قلعة على الجانب الأوروبي من البوسفور في مواجهة الأسوار القسطنطينية، وقد جلب لها مواد البناء وآلاف العمال، واشترك هو بنفسه مع رجال دولته في أعمال البناء، وهو ما ألهب القلوب وأشعل الحمية في النفوس، وبدأ البناء في الارتفاع شامخ الرأس في الوقت الذي كان فيه الإمبراطور قسطنطين لا يملك وقف هذا البناء، واكتفى بالنظر حزنا وهو يرى أن الخطر الداهم سيحدق به دون أن يملك مندفعه شيئا.
    ولم تمض ثلاثة شهور حتى تم بناء القلعة على هيئة مثلث سميك الجدران، في كل زاوية منها برج ضخم مغطى بالرصاص، وأمر السلطان بأن ينصب على الشاطئ مجانيق ومدافع ضخمة، وأن تصوب أفواهها إلى الشاطئ، لكي تمنع السفن الرومية والأوروبية من المرور في بوغاز البوسفور، وقد عرفت هذه القلعة باسم "رومللي حصار"، أي قلعة الروم.

    بوادر الحرب

    توسل الإمبراطور قسطنطين إلى محمد الفاتح بالعدول عن إتمام القلعة التي تشكل خطرًا عليه، لكنه أبي ومضى في بنائه، وبدأ البيزنطيون يحاولون هدم القلعة والإغارة على عمال البناء، وتطورت الأحداث في مناوشات، ثم لم يلبث أن أعلن السلطان العثماني الحرب رسميا على الدولة البيزنطية، وما كان من الإمبراطور الرومي إلا أن أغلق أبواب مدينته الحصينة، واعتقل جميع العثمانيين الموجودين داخل المدينة، وبعث إلى السلطان محمد رسالة يخبره أنه سيدافع عن المدينة لآخر قطرة من دمه.

    وأخذ الفريقان يتأهب كل منهما للقاء المرتقب في أثناء ذلك بدأ الإمبراطور قسطنطين في تحصين المدينة وإصلاح أسوارها المتهدمة وإعداد وسائل الدفاع الممكنة، وتجميع المؤن والغلال، وبدأت تردد على المدينة بعض النجدات خففت من روح الفزع التي سيطرت على الأفئدة، وتسربت بعض السفن تحمل المؤن والغذاء، ونجح القائد الجنوبي "جون جستنياني" مع 700 مقاتل محملين بالمؤن والذخائر في الوصول إلى المدينة المحاصرة؛ فاستقبله الإمبراطور قسطنطين استقبالا حسنًا وعينه قائدًا عامًا لقواته، فنظم الجيش وأحسن توزيعهم ودرب الرهبان الذي يجهلون فن الحرب تمامًا، وقرر الإمبراطور وضع سلسلة لإغلاق القرن الذهبي أمام السفن القادمة، تبدأ من طرف المدينة الشمالي وتنتهي عند حي غلطة.

    استعدادات محمد الفاتح

    كان السلطان محمد الثاني يفكر في فتح القسطنطينية ويخطط لما يمكن عمله من أجل تحقيق الهدف والطموح، وسيطرت فكرة الفتح على عقل السلطان وكل جوارحه، فلا يتحدث إلا في أمر الفتح ولا يأذن لأحد من جلسائه بالحديث في غير الفتح الذي ملك قلبه وعقله وأرقه وحرمه من النوم الهادئ.

    وشاءت ارادة الله سبحانه ان يتقدم الى السلطان مهندس مجري يدعى "أوربان"، ويعرض على السلطان أن يصنع له مدفعا ضخما يقذف قذائف هائلة تكفي لثلم أسوار القسطنطينية؛ فرحب به السلطان وأمر بتزويده بكل ما يحتاجه من معدات، ولم تمض ثلاثة أشهر حتى تمكن أوربان من صنع مدفع عظيم لم يُر مثله قط، فقد كان يزن 700 طن، ويرمي بقذائف زنة الواحدة منها 12 ألف رطل، ويحتاج جره إلى 100 ثور يساعدها مائة من الرجال، وعند تجربته سقطت قذيفته على بعد ميل، وسمع دويه على بعد 13 ميلا، وقد قطع هذا المدفع الذي سُمي بالمدفع السلطاني الطريق من أدرنة إلى موضعه أمام أسوار القسطنطينية في شهرين.

    بدء الحصار

    وصل السلطان العثماني في جيشه الضخم أمام الأسوار الغربية للقسطنطينية المتصلة بقارة أوروبا يوم الجمعة الموافق (12 من رمضان 805هـ= 5 من إبريل 1453م) ونصب سرادقه ومركز قيادته أمام باب القديس "رومانويس"، ونصبت المدافع القوية البعيدة المدى، ثم اتجه السلطان إلى القبلة وصلى ركعتين وصلى الجيش كله، وبدأ الحصار الفعلي وتوزيع قواته، ووضع الفرق الأناضولية وهي أكثر الفرق عددًا عن يمينه إلى ناحية بحر مرمرة، ووضع الفرق الأوروبية عن يساره حتى القرن الذهبي، ووضع الحرس السلطاني الذي يضم نخبة الجنود الانكشارية وعددهم نحو 15 ألفًا في الوسط.

    وتحرك الأسطول العثماني الذي يضم 350 سفينة في مدينة "جاليبولي" قاعدة العثمانيين البحرية في ذلك الوقت، وعبر بحر مرمرة إلى البوسفور وألقى مراسيه هناك، وهكذا طوقت القسطنطينية من البر والبحر بقوات كثيفة تبلغ 265 ألف مقاتل، لم يسبق أن طُوقت بمثلها عدة وعتادًا، وبدأ الحصار الفعلي في الجمعة الموافق (13 من رمضان 805هـ = 6 من إبريل 1453م)، وطلب السلطان من الإمبراطور "قسطنطين" أن يسلم المدينة إليه وتعهد باحترام سكانها وتأمينهم على أرواحهم ومعتقداتهم وممتلكاتهم، ولكن الإمبراطور رفض؛ معتمدًا على حصون المدينة المنيعة ومساعدة الدول النصرانية له.

    وضع القسطنطينية

    تحتل القسطنطينية موقعا منيعا، حبته الطبيعة بأبدع ما تحبو به المدن العظيمة، تحدها من الشرق مياه البوسفور، ويحدها من الغرب والجنوب بحر مرمرة، ويمتد على طول كل منها سور واحد. أما الجانب الغربي فهو الذي يتصل بالقارة الأوروبية ويحميه سوران طولهما أربعة أميال يمتدان من شاطئ بحر مرمرة إلى شاطئ القرن الذهبي، ويبلغ ارتفاع السور الداخلي منهما نحو أربعين قدمًا ومدعم بأبراج يبلغ ارتفاعها ستين قدما، وتبلغ المسافة بين كل برج وآخر نحو مائة وثمانين قدما.
    أما السور الخارجي فيبلغ ارتفاعه خمسة وعشرين قدما، ومحصن أيضا بأبراج شبيهة بأبراج السور الأول، وبين السورين فضاء يبلغ عرضه ما بين خمسين وستين قدما، وكانت مياه القرن الذهبي الذي يحمي ضلع المدينة الشمالي الشرقي يغلق بسلسلة حديدية هائلة يمتد طرفاها عند مدخله بين سور غلطة وسور القسطنطينية، ويذكر المؤرخون العثمانيون أن عدد المدافعين عن المدينة المحاصرة بلغ أربعين ألف مقاتل.

    اشتعال القتال

    بعد ما أحسن السلطان ترتيب وضع قواته أمام أسوار القسطنطينية بدأت المدافع العثمانية تطلق قذائفها الهائلة على السور ليل نهار لا تكاد تنقطع، وكان دوي اصطدام القذائف بالأسوار يملأ قلوب أهل المدينة فزعا ورعبا، وكان كلما انهدم جزء من الأسوار بادر المدافعون عن المدينة إلى إصلاحه على الفور، واستمر الحال على هذا الوضع.. هجوم جامح من قبل العثمانيين، ودفاع مستميت يبديه المدافعون، وعلى رأسهم جون جستنيان، والإمبراطور البيزنطي.

    وفي الوقت الذي كانت تشتد فيه هجمات العثمانيين من ناحية البر حاولت بعض السفن العثمانية تحطيم السلسلة على مدخل ميناء القرن الذهبي واقتحامه، ولكن السفن البيزنطية والإيطالية المكلفة بالحراسة والتي تقف خلف السلسلة نجحت في رد هجمات السفن العثمانية، وصبت عليها قذائفها وأجبرتها على الفرار.

    وكانت المدينة المحاصرة تتلقى بعض الإمدادات الخارجية من بلاد المورة وصقلية، وكان الأسطول العثماني مرابطا في مياه البوسفور الجنوبية منذ (22 من رمضان 805هـ = 15 من إبريل 1453م)، ووقفت قطعة على هيئة هلال لتحول دون وصول أي مدد ولم يكد يمضي 5 أيام على الحصار البحري حتى ظهرت 5 سفن غربية، أربع منها بعث بها البابا في روما لمساعدة المدينة المحاصرة، وحاول الأسطول العثماني أن يحول بينها وبين الوصول إلى الميناء واشتبك معها في معركة هائلة، لكن السفن الخمس تصدت للسفن العثمانية وأمطرتها بوابل من السهام والقذائف النارية، ولبراعة رجالها وخبرتهم التي تفوق العثمانيين في قتال البحر، تمكنت من أن تشق طريقها وسط السفن العثمانية التي حاولت إغراقها لكن دون جدوى ونجحت في اجتياز السلسلة إلى الداخل.

    السفن العثمانية تبحر على اليابسة!!
    إنزال السفن في الخليج

    كان لنجاح السفن في المرور أثره في نفوس أهالي المدينة المحاصرة؛ فانتعشت آمالهم وغمرتهم موجة من الفرح بما أحرزوه من نصر، وقويت عزائمهم على الثبات والصمود، وفي الوقت نفسه أخذ السلطان محمد الثاني يفكِّر في وسيلة لإدخاله القرن الذهبي نفسه وحصار القسطنطينية من أضعف جوانبها وتشتيت قوى المدينة المدافعة.
    واهتدى السلطان إلى خطة موفقة اقتضت أن ينقل جزءًا من أسطوله بطريق البر من منطقة غلطة إلى داخل الخليج؛ متفاديا السلسلة، ووضع المهندسون الخطة في الحال وبُدئ العمل تحت جنح الظلام وحشدت جماعات غفيرة من العمال في تمهيد الطريق الوعر الذي تتخلله بعض المرتفعات، وغُطي بألواح من الخشب المطلي بالدهن والشحم، وفي ليلة واحدة تمكن العثمانيون من نقل سبعين سفينة طُويت أشرعتها تجرها البغال والرجال الأشداء، وذلك في ليلة (29 من رمضان 805هـ = 22 من إبريل 1453م).
    وكانت المدافع العثمانية تواصل قذائفها حتى تشغل البيزنطيين عن عملية نقل السفن، وما كاد الصبح يسفر حتى نشرت السفن العثمانية قلوعها ودقت الطبول وكانت مفاجأة مروعة لأهل المدينة المحاصرة.
    وبعد نقل السفن أمر السلطان محمد بإنشاء جسر ضخم داخل الميناء، عرضه خمسون قدما، وطوله مائة، وصُفَّت عليه المدافع، وزودت السفن المنقولة بالمقاتلين والسلالم، وتقدمت إلى أقرب مكان من الأسوار، وحاول البيزنطيون إحراق السفن العثمانية في الليل، ولكن العثمانيين علموا بهذه الخطة فأحبطوها، وتكررت المحاولة وفي كل مرة يكون نصيبها الفشل والإخفاق.
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:32 pm

    فتح القسطنطينية.. بشارة نبوية

    الهجوم الكاسح وسقوط المدينة

    استمر الحصار بطيئا مرهقا والعثمانيون مستمرون في ضرب الأسوار دون هوادة، وأهل المدينة المحاصرة يعانون نقص المؤن ويتوقعون سقوط مدينتهم بين يوم وآخر، خاصة وأن العثمانيين لا يفتئون في تكرار محاولاتهم الشجاعة في اقتحام المدينة التي أبدت أروع الأمثلة في الدفاع والثبات، وكان السلطان العثماني يفاجئ خصمه في كل مرة بخطة جديدة لعله يحمله على الاستسلام أو طلب الصلح، لكنه كان يأبى، فأرسل السلطان محمد إلى قسطنطين يخبره أنه لو سلم البلد إليه طوعاً يتعهد له بعدم مس حرية الأهالي أو أملاكهم، وإن يعطيه جزيرة موره، فلم يقبل قسطنطين بذلك. ولم يعد أمام السلطان سوى معاودة القتال بكل ما يملك من قوة.

    وأمر السلطان جنوده بالاستعداد للهجوم في اليوم العشرين من جمادى الأولى سنة (857هـ – 29/5/1453م) , وأمر جنوده بالصيام قبل الهجوم بيوم لتطهير نفوسهم وتزكيتها، ثم قام بزيارة للسور وتفقد الأسطول، وفي تلك الليلة تعالت أصوات التكبير والتهليل، ورتلت آيات الجهاد على مسامع الجند، ودوت الأناشيد الإسلامية الحماسية.. احتفالاً وتفاؤلاً بالنصر الآتي، ودعا الفاتح قادة جيشه، ثم خاطبهم قائلاً: »إذا تم لنا فتح القسطنطينية تحقق فينا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعجزة من معجزاته، وسيكون من حظنا ما أشاد به هذا الحديث من التقدير.. فأبلغوا أبناءنا العساكر فرداً فرداً أن الظفر العظيم الذي سنحرزه سيزيد الإسلام قدراً وشرفاً، ويجب على كل جندي أن يجعل تعاليم ديننا الحنيف نصب عينيه، فلا يصدر عن واحد منهم ما ينافي هذه التعاليم، وليتجنبوا الكنائس والمعابد، ولا يمسوها بسوء ولا بأذى، وليدعوا القساوسة والضعفاء الذين لا يقاتلون .

    وظلوا طوال ليلهم يهللون ويكبّرون، حتى إذا لاح فجر يوم الثلاثاء (20 من جمادى الأولى 857هـ= 29 من مايو 1453م)، وكان السلطان العثماني قد أعد أهبته الأخيرة، ووزَّع قواته وحشد زهاء 100 ألف مقاتل أمام الباب الذهبي، وحشد في الميسرة 50 ألفًا، ورابط السلطان في القلب مع الجند الإنكشارية، واحتشدت في الميناء 70 سفينة _ صدرت إليهم الأوامر بالهجوم، فبدأ الهجوم برًا وبحرًا، وهجم مائة وخمسون ألف جندي عثماني، وتسلّقوا الأسوار، ودخلوا المدينة من كل مكان. واشتد لهيب المعركة وقذائف المدافع يشق دويها عنان السماء ويثير الفزع في النفوس، وتكبيرات الجند ترج المكان فيُسمع صداها من أميال بعيدة، والمدافعون عن المدينة يبذلون كل ما يملكون دفاعا عن المدينة، وفي أثناء هذا الهجوم المحموم جرح "جستنيان" في ذراعه وفخذه، وسالت دماؤه بغزارة فانسحب للعلاج رغم توسلات الإمبراطور له بالبقاء لشجاعته ومهارته الفائقة في الدفاع عن المدينة، وضاعف العثمانيون جهدهم واندفعوا بسلالمهم نحو الأسوار غير مبالين بالموت الذي يحصدهم حصدا، وما هي إلا ساعة حتى امتلأ الخندق الكبير الذي يقع أمام السور الخارجي بآلاف القتلى. ووثب جماعة من الانكشارية إلى أعلى السور، وتبعهم المقاتلون وسهام العدو تنفذ إليهم، ولكن ذلك كان دون جدوى، فقد استطاع العثمانيون أن يتدفقوا نحو المدينة، ونجح الأسطول العثماني في رفع السلاسل الحديدية التي وُضعت في مدخل الخليج، وتدفق العثمانيون إلى المدينة التي سادها الذعر، وفر المدافعون عنها من كل ناحية، وما هي إلا ثلاث ساعات من بدء الهجوم حتى كانت المدينة العتيدة تحت أقدام الفاتحين.

    محمد الفاتح في المدينة

    ولما دخل السلطان محمد الفاتح –هكذا صار اسمه منذ هذا اليوم المجيد الذي فتح فيه القسطنطينية- المدينة ظافرا ترجل عن فرسه، وسجد لله شكرا على هذا الظفر والنجاح، وأمن الناس على أنفسهم وأموالهم، وساد الأمن حالاً، ثم توجه إلى كنيسة "أيا صوفيا"؛ حيث احتشد فيها الشعب البيزنطي ورهبانه، فمنحهم الأمان، وأمر بتحويل كنيسة "أيا صوفيا" إلى مسجد، وأمر بأن يؤذن فيها بالصلاة وجعلها مسجداً جامعاً للمسلمين، وصلى فيها، وصلى معه كبار القادة والمستشارين والجنود، وصلّى صلاة الشكر لله تعالى على هذا الفتح العظيم. وأمر بإقامة مسجد في موضع قبر الصحابي الجليل "أبي أيوب الأنصاري"، وكان ضمن صفوف الحملة الأولى لفتح القسطنطينية، وقد عثر الجنود العثمانيون على قبره فاستبشروا خيرًا بذلك. ثم أمر السلطان محمد الفاتح بإعمار ما تهدم من أسوار المدينة، ورتّب أمور المسلمين والمسيحيين فيها، وانتهج سياسة سمحة مع سكان المدينة، وكفل لهم حرية ممارسة عبادتهم، وسمح بعودة الذين غادروا المدينة في أثناء الحصار والرجوع إلى منازلهم، وقرر الفاتح اتخاذ القسطنطينية عاصمة لدولته، وأطلق عليها اسم "إسلام بول" أي "مدينة الإسلام، فتحولت العاصمة من أدرنة إلى القسطنطينية التي سميت بأسماء عدة: إسلام بول (أي مدينة الإسلام)، ودار السعادة، واسمها الرسمي الآستانة، وفي العهد الكمالي قرر اسمها رسمياً إستنبول ولا تزال. واستمرت عاصمة الخلافة العثمانية ، إلى أن جاء أتاتورك، الذي ألغى الخلافة العثمانية في (23 من رجب 1342 هـ= 1 مارس 1924م)، وأقام جمهورية تركيا العلمانية وحرّف اسمها الى إستانبول ونقل العاصمة إلى (أنقرة)،واستبدل بالحروف العربية حروفاً
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:33 pm

    فتح القسطنطينية.. بشارة نبوية

    الجزء الأخير

    نتائج هذا الفتح
    رأينا أن فتح القسطنطينية لم يكن أمراً سهلاً كما يحلو لبعض المؤرخين أن يصوروه ... بسبب ضعف الدولة البيزنطية، والانشقاق الكنسي في الشرق والغرب، بل الحق يقال: إن الجنود الإسلاميين بذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل ذلك، وقاموا بالتضحية والفداء حتى تم لهم النصر المبين، كما أن السلطان محمداً أعدّ كل ما يمكن من الوسائل العسكرية الناجحة، ولم يشك لحظة في ثقته بنصر الله عز وجل حتى تم له ذلك، وصدق المؤرخ الفرنسي الشهير (كارادي فو Carra De Vaux) في قوله بهذا الصدد: »إن هذا الفتح لم يتيسر لمحمد الفاتح اتفاقاً، ولا تيسر بمجرد ضعف الدولة البيزنطية، بل كان هذا السلطان يدبر التدابير الللازمة له من قبل ويستخدم له ما كان في عصره من العلم.
    وبفتح القسطنطينية زالت الى الأبد الامبراطورية البيزنطية .. وأسدل الستار على العصور الوسطى، ويؤرخ المؤرخون الأوربيون بدء العصر الحديث في التاريخ بيوم 25 مايو 1453، بمعنى اليوم الذي يسّر الله الفتح للفاتح.

    وبفتح القسطنطينية عم الفرح والابتهاج المسلمين في ربوع آسيا وأفريقيا فقد كان هذا الفتح حلم الأجداد وأمل الاجيال ، ولقد تطلعت له طويلاً وهاقد تحقق وارسل السلطان محمد الفاتح رسائل الى حكام الديار الاسلامية في مصر والحجاز وبلاد فارس والهند وغيرها؛ يخبرهم بهذا النصر الاسلامي العظيم- وأذيعت أنباء الانتصار من فوق المنابر، وأقيمت صلوات الشكر، وزينت المنازل والحوانيت وعلقت على الجدران والحوائط والأعلام والأقمشة المزركشة بألوانها المختلفة .
    وكان من آثار هذا الفتح أن اتحد كلا القسمين الجنوبي والشمالي، الآسيوي والأوروبي للدولة الإسلامية العثمانية، وأصبحت القسطنطينية بعد ذلك قاعدة للأعمال العسكرية في الشرق والغرب، وامتد النفوذ الإسلامي إلى شواطئ البحر الأسود الشمالي وكييف (وهي الآن في جمهورية أوكرانيا ) وإلى المجر واليونان وسواحل البحر الأدرياتيكي الشرقية، وإلى شرقي البحر الأبيض المتوسط.
    وقد تأثر الغرب النصراني بنبأ هذا الفتح، وانتاب النصارى شعور بالفزع والالم والخزي ، وتجسم لهم خطر جيوش الاسلام القادمة من استنبول ، وبذل الشعراء والادباء ما في وسعهم لتأجيج نار الحقد وبراكين الغضب في نفوس النصارى ضد المسلمين ، وعقد الامراء والملوك اجتماعات طويلة ومستمرة وتنادى النصارى الى نبذ الخلافات والحزازات وكان البابا نيقولا الخامس أشد الناس تأثراً بنبأ سقوط القسطنطينية، وعمل جهده وصرف وقته في توحيد الدول الايطالية وتشجيعها على قتال المسلمين، وترأس مؤتمراً عقد في روما أعلنت فيه الدول المشتركة عن عزمها على التعاون فيما بينها وتوجيه جميع جهودها وقوتها ضد العدو المشترك. وأوشك هذا الحلف أن يتم إلا أن الموت عاجل البابا بسبب الصدمة العنيفة الناشئة عن سقوط القسطنطينية في يد العثمانيين والتي تسببت في همه وحزنه فمات كمداً في 25 مارس سنة 1455م .
    وتحمس الأمير فيليب الطيب دوق بورجونديا والتهب حماساً وحمية واستنفر ملوك النصارى الى قتال المسلمين وحذا حذوه البارونات والفرسان والمتحمسون والمتعصبون للنصرانية، وتحولت فكرة قتال المسلمين الى عقيدة مقدسة تدفعهم لغزو بلادهم ، وتزعمت البابوية في روما حروب النصارى ضد المسلمين وكان السلطان محمد الفاتح بالمرصاد لكل تحركات النصارى، وخطط ونفذ مارآه مناسباً لتقوية دولته وتدمير أعدائه، واضطر النصارى الذين كانوا يجاورون السلطان محمد أو يتاخمون حدوده ففي آماسيا، وبلاد المورة ، طرابيزون وغيرهم أن يكتموا شعورهم الحقيقي، فتظاهروا بالفرح وبعثوا وفودهم الى السلطان في أدرنة لتهنئته على انتصاره العظيم.
    وحاول البابا بيوس الثاني بكل ما أوتي من مقدرة خطابية ، وحنكة سياسية، تأجيج الحقد الصليبي في نفوس النصارى شعوباً وملوكاً، قادة وجنوداً واستعدت بعض الدول لتحقيق فكرة البابا الهادفة للقضاء على العثمانيين ولما حان وقت النفير اعتذرت دول أوروبا وأما الجمهوريات الايطالية فكانت تهتم بتوطيد علاقاتها مع الدولة العثمانية. وانتهى مشروع الحملة الصليبية بموت زعيمها البابا واصبحت المجر والبندقية تواجه الدولة العثمانية لوحدهما؛ أما البندقية فعقدت معاهدة صداقة وحسن جوار مع العثمانيين رعاية لمصالحها وأما المجر فقد انهزمت أمام الجيوش العثمانية واستطاع العثمانيون أن يضموا الى دولتهم بلاد الصرب، واليونان والافلاق والقرم والجزر الرئيسية في الأرخبيل. وقد تم ذلك في فترة قصيرة ، حيث داهمهم السلطان الفاتح، وشتت شملهم ، واخذهم أخذاً عظيماً وشرع لفتح بلاد الموره، وكان الأميران دمتريوس وتوماس يحكمان هذه البلاد، وما أن شرع الفاتح بجيوشه في زحفه حتى أسرع هذان بإخباره قبولهما دفع الجزية سنوية للدولة العثمانية، فوافق الفاتح، ولم يرجع بل وجه جيشه إلى بلاد الصرب بيوغوسلافيا الحالية، حيث اضطر أميرها إلى عرض الصلح على الدولة العثمانية وإن لم يصدق أمير الصرب في عهده هذا.

    وبعد سنتين من الفتح، اضطر الفاتح إلى إعادة الكرة على بلاد الصرب، ووصل هذه المرة إلى مدينة بلغراد عاصمة يوغوسلافيا الآن، وحاصر الفاتح هذه المدينة برا وبحرا، وإن لم يكن استطاع فتحها لكنه كسب أكثر من هذا، كان في القلعة القائد المجري المعروف جون هونياد، وكان هذا القائد المجري عقبة كؤود في سبيل تقدم العثمانيين، وجرح هذا القائد هونياد أثناء الحصار العثماني لبلغراد، جراحا تسببت في موته، ثم أرسل الفاتح صدره الأعظم محمود باشا لإتمام فتح بلاد الصرب ففتحها في سنتين، وبذلك فقدت الصرب استقلالها نهائيا.

    وفي عام 1460م اضطر الفاتح لإصدار الأمر بفتح إقليم الموره نتيجة لثورة أميره ومحاربته للأتراك العثمانيين.

    ثم فتحت الدولة العثمانية جزائر تاسوس وانبروس وغيرها في بحر إيجه.

    وحدث أن اعتدى أمير الأفلاق (والأفلاق تقع في رومانيا حاليا)، وكان اسمه فلاد، اعتدى على التجار العثمانيين النازلين هناك، فسار الفاتح إليه، خاف فلاد وأرسل إلى الفاتح وفدا يعرض عليه دفع جزية سنوية، وعاد الفاتح، إلا أنها كانت إحدى الحيل الأوربية ضد الدولة العثمانية، لم يكن الأمير فلاد يرغب إلا في أخذ فسحة من الوقت ليتمكن من الاتحاد مع ملك المجر ومحاربة العثمانيين، ولما علم الفاتح بهذا أراد التيقن والتبين، فأرسل مندوبين إلى أمير الأفلاق ليسألاه عن الحقيقة، فإذا بالأمير يقبض على الرسولين ويقتلهما ويمثل بهما؛ إذ وضعهما على عمود مدبب من الخشبب - وهو ما يمسى بالخازوق - ثم أغار هذا الأمير فلاد على بلغاريا وكانت تابعة للدولة العثمانية، أرسل الفاتح يدعوه إلى الطاعة فجاء رسول الفاتح أمام الأمير فإذا به يأمر بخلع عمامة هذا الرسول وأن يخلع من معه عمائمهم أيضا إظهارا لاحترام الأمير، فلما خالفوه أمر فلاد هذا بأن تسمر عمائم رسل الفاتح على رؤوسهم بمسامير من حديد.
    تحرك الفاتح بمجرد سماعه هذا الخبر لمحاربة الأمير فلاد، وضم بلاده - أي بلاد الأفلاق - إلى الدولة العثمانية.

    وعندما أراد متياس كرفن - ملك المجر - استخلاص البوسنة من العثمانيين، كانت النتيجة أن هزمه العثمانيون وقتلوا معظم جيشه، وكانت عاقبة هذا ضم بلاد البوسنة لتصبح ولاية كاملة التبعية للدولة العثمانية، ودخل في جيش الانكشارية العثماني 000ر30 من شبان البوسنة، وأسلم أغلب أشرافها.

    وفي عام 1470م قامت الحرب بين العثمانيين والبنادقة، فاستولى العثمانيون على جزيرة اجريبوس مركز مستعمرات البندقية.

    وبعد أن ساد الأمن العثماني أنحاء أوربا وجه الفاتح اهتمامه نحو استتباب الأمن داخل الأناضول، فضم إمارة القرمان وكانت مصدر إزعاج للعثمانيين.
    وأرسل ليحارب أوزون حسن في طرابزون، ويذكر في المصادر العربية باسم حسن الطويل، وهو أحد خلفاء تيمورلنك، وتمت هزيمة حسن الطويل عام 1471م، ثم سار السلطان بنفسه ليجهز على بقية قوة حسن الطويل، وتم له ذلك.

    وأرادت أوربا أن توقف زحف هذا الفاتح العثماني، فقام البابا بيوس الثاني ينادي بمحاربة المسلمين حربا دينية، واستعانت البندقية بالبابا في روما وبأمير نابولي لمساعدتها في استرجاع ما أخذه منها العثمانيون، لكن هذا الأمر انتهى بانتصار العثمانيين، ولم يستطع البنادقة استرجاع شيء، واضطرت البندقية لإبرام الصلح مع السلطان تنازل البنادقة بموجبه عن كثير من الأماكن الهامة التابعة لهم، منها مدينة اشقودره (في ألبانيا حاليا)، وهذا أمر رهام في التاريخ الأوربي؛ ذلك أن جمهورية البندقية حينذاك كانت تعتبر هي وجمهورية جنوه أهمّ دولتين في أوربا.

    وفي عام 1480م تم فتح جزائر اليونان الواقعة بين بلاد اليونان وإيطاليا، بعد ذلك سار القبطان العثماني كدك أحمد باشا بأسطوله وفتح مدينة أوترانتو بإيطاليا.

    لكن جزيرة رودوس استعصت على الأسطول العثماني في حصار دام ثلاثة أشهر وكانت رودوس مركز رهبنة القديس يوحنا الأورشليمي، وكانت الحرب بين فرسانها برئاسة بييردوبوسون وبين الدولة المملوكية في مصر قائمة، كما كان هناك نزاع بين هؤلاء الفرسان وبين باي تونس، فهادن الفرسان كلا من مصر وتونس حتى يتفرغوا لصد هجمات العثمانيين، والمعروف أن جزيرة رودوس كانت محصنة تحصينا منيعا.

    بدأ العثمانيون في حصار رودوس في 3 من ربيع الأول سنة 885ﻫ الموافق 22 مايو عام 1480م، إلا أن أهم قلاع الجزيرة - وهي قلعة القديس نيقولا - استعصت على العثمانيين، إلا أن هؤلاء اضطروا لفك الحصار والعودة بعد ثلاثة أشهر من بدء هذا الحصار، ولم يستطع العثمانيون فتح جزيرة رودوس إلا في عهد السلطان سليمان القانوني، وهو ابن سليم الأول فاتح بلاد الشام ومصر.

    وفاة محمد الفاتح
    هكذا وبعد ثلاثين سنة من الحروب المتواصلة للفتح وتقوية الدولة وتعميرها، فاجأ الموتُ السطانَ محمد الفاتح في 4 ربيع الأول 886 هـ/3 مايو 1481م عن ثلاث وخمسين عاما، حكم فيها ثلاثين عاما وحوالي الشهرين ونصف الشهر، وترك دولة تبلغ مساحتها 000ر214ر2 كيلو مترا، منها في الأناضول 000ر511 كليو مترا، والباقي يقع في أوربا، وكانت حدود دولته الشمالية تبدأ من جنوب موسكو، وكان البحر الأسود في عهده عبارة عن بحيرة عثمانية، توفي رجمه الله في أُسكُدار في معسكره وبين جنوده، وكان ينوي - كما يقول بعض المؤرخين - أن يفتح روما، وكانت استعدادته البحرية توحي بذلك. إذ كان قد أعد في هذه السنة إعداداً قوياً لحملة لا يعرف اتجاهها لأنه كان شديد الحرص على عدم كشف مخططاته العسكرية حتى لأقرب وأعز قواده. وقد قال في هذا الصدد عندما سئل مرة: »لو عرفته شعرة من لحيتي لقلعتها.« . وهذه السرّية العسكرية التامة، مع الإيمان الصادق، كانت سر نجاحه في كثير من حملاته وفتوحه، مات الفاتح ودفن في المسجد الذي كان أمر ببنائه، بالقسطنطينية المعروف بجامع الفاتح، بينما غلبت روح الكآبة والحزن على الأتراك لفقدهم سلطانهم الحبيب وعمّ العزاء والرثاء في العالم الإسلامي لموت هذا المجاهد المسلم.

    المصادر والمراجع :
    محمد فريد: تاريخ الدولة العلية العثمانية – تحقيق إحسان حقي – دار النفائس – بيروت – (1403هـ = 1983م).
    علي حسون – تاريخ الدولة العثمانية – المكتب الإسلامي بيروت – (1414هـ= 1994م)
    عبد العزيز محمد الشناوي- الدولة العثمانية دولة مفترى عليها – مكتبة الأنجلو المصري- القاهرة – 1984م.
    عبد السلام عبد العزيز فهمي – السلطان محمد الفاتح – دار القلم – دمشق – (1413 هـ= 1993م).
    محمد صفوت مصطفى – السلطان محمد الفاتح – دار الفكر العربي - القاهرة – 1948م.
    محمد عبد الله عنان – مواقف حاسمة في تاريخ الإسلام - مؤسسة الخانجي – القاهرة – (1382هـ = 1962م).
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:33 pm

    الفاتح في مواجهة الحلفاء
    ترأس البابا بيوس الثاني اجتماع التحالف الذي عقد في مدينة ريجنس بورغ في نيسان/ إبريل سنة 1454م، وعاهدته على حرب العثمانيين ثلاثون دولة في أوروبا وآسيا، ففي آسيا تحالفت دولة "كرجستان" جورجيا، ودولة الخرفان البيض "آق قويونلو" التركمانية المخالفة للعثمانيين، والمسيطرة على إيران بزعامة حسن الطويل "أوزون حسن" ولكن الفاتح لم يهتز لذلك التحالف بل صمم على المواجهة، وعدم الخضوع للابتزاز، كان السلاجقة والعثمانيون قد قدموا أربعة ملايين شهيد حتى ذلك اليوم، للمحافظة على بيضة الإسلام.

    وبدأت الحرب الكبرى في 3 نيسان/ إبريل سنة 1463م، فهجم الفرنجة من الغرب مع بقية الأوربيين والبابوية، فتصدى للهجوم الأوروبي الصدر الأعظم محمود باشا، ومات البابا في طريقه إلى الحرب سنة 1464م، وخاض السلطان معارك عديدة ضد البندقية، فأعدّت البندقية 14 مؤامرة لاغتيال السلطان حتى تموز سنة 1479م، ولم تنجح.
    وقاد الفتح الغزوة الحادية والعشرين في صيف سنة 1470م، واجتاح قلاع ومواقع البندقية في بحر إيجة، وفتح جزيرة آغريبوز في بحر إيجة، وحرر الصدر الأعظم كديك أحمد باشا سواحل البحر الأبيض المتوسط.

    التحالف الإيراني الأوروبي
    برزت دولة غَنَّامَةِ الْخِرْفان البيض التركمانية المعروفة باللغة التركية: آغ قويونلو، أو آق قويونلو، أي: الخرفان البيض، وكان أول حكامهم قره إيلك عثمان (1389-1435 م) الذي تحالف ضد الخرفان السود والعثمانيين مع الخبيث تيمورلنك، فعيَّنَه حاكماً على ديار بكر وما حولها بعدما انتصر على العثمانيين سنة 1402 م، ثم بدأت حروب الخرفان البيض بالتعاون مع البيزنطيين ضد حكام أسرة غَنَّامَةِ الْخِرْفان السود -القره قويونلو، فقضوا عليها، واستولوا على مناطقها، وسيطر غَنَّامَةِ الْخِرْفان البيض على شرق الأناضول، وأذربيجان، وفارس، والعراق، وأفغانستان و تركستان، واتخذوا من تبريز الأيرانية عاصمة لها، وبلغوا أوج قوتهم في عهد حسن قوصون (أوزون) (1453-1478 م) الذي هزم التيموريين، وقتل ملكهم"أبو سعيد" سنة 1459 م، ثم قتل جهان شاه حاكم الخرفان السود "قره قويونلو" سنة 1467م، واستولى على عاصمته بغداد وتوابعها في كرمان وأصفهان، وفارس وهراة "هرات" وشنَّ حسن أوزون حملات على جورجيا، فاستولى على قلعة حسن كييف سنة 1462م. ثم خرتبرت (خربوط) سنة 1465 م، ثم تحالف مع الروم البيزنطيين والكاثوليك الأوروبيين ضد العثمانيين منذ سنة 1471 م، واتخذ من كرمان قاعدة عسكرية ليواجه العثمانيين من الشرق بالتعاون مع القوات المسيحية التي تهاجم من الغرب والشمال والجنوب، ومع ذلك هزم حسن أوزون أمام السلطان محمد الفاتح سنة 1473 م.
    الفاتح على الجبهة الأوروبية
    خابت آمال التحالف الرومي البيزنطي - الكاثوليكي في أوروبا وآسيا بعد فشل عميلهم حسن الطويل "أوزون حسن" ومع ذلك قرروا الاستمرار بالتصدي للسلطنة العثمانية، واستمرت المواجهات العسكرية من سنة 1473م حتى سنة 1479م، وخلال تلك الفترة قاد قائد فرسان الصاعقة في رومللي المجاهد علاء الدين باشا ثلاث مائة وثلاثين معركة، عبر خلالها نهر الطونة "الدانوب" وأسر مهتاب خانم ابنة ملك المجر متياس وتزوجها، وفتح علي باشا فارادين المجرية سنة 1473م، ثم أخضع مملكة بودوليا سنة 1474م.

    وقاد السلطان محمد الفاتح الغزوة الهمايونية الثالثة والعشرين في ربيع وصيف سنة 1476م، ففتح بلاد "البغدان" مولدوفيا. ثم قاد السلطان الفاتح الغزوة الهمايونية الرابعة والعشرين في أواخر سنة 1476م، وحاصر قلعة سمندرة، وتراجع عنها لسوء الأحوال الجوية. وتمكن الباشوات علي باشا، ومالقوج، وغازي اسكندر، وطرخان باشا أن يفتحوا زغرب عاصمة كرواتيا سنة 1476م.

    وقاد السلطان محمد الفاتح الغزوة الهمايونية الخامسة والعشرين سنة 1478م، ونهد إلى بلاد الأرناؤوط في ألبانيا لتحريرها من البنادقة ففتح قلعة عاصمتهم أشقودرة في 26 كانون الثاني/ يناير سنة 1979م، وفتحت القوات العثمانية البندقية سنة 1478م، وفي سنة 1479م دخل داود باشا بلاد النمسا، وخضعت البندقية لتوقيع معاهدة سلام مع السلطان الفاتح في 25 كانون الثاني/ يناير سنة 1479م. وأرسل الفاتح حملة فتحت المجر سنة 1480م بقيادة الوزير علاء الدين باشا، ومعه 12 سنجق من فرسان المغاوير، وتوغلت الغزوة العثمانية في أراضي النمسا حتى وصلت إلى غراز "Graz".

    فتح بلاد القرم
    حكم أمراء تتار القبيلة الذهبية "آلطون أوردو" بلاد روسيا الشرقية وشبه جزيرة القرم، وجميع الجهات الواقعة شمالي البحر الأسود منذ زمن أميرهم جنكيز خان، وبلغت مساحة دولتهم مليوني كيلو متر مربع، وبلغ تعداد جيشهم مائتي ألف فارس، وخضعوا للطاغية تيمورلنك، وأبنائه وأحفاده من بعده في عاصمتهم سراي على نهر الفولغا، وتوابع بغجه سراي وقازان وأستره خان وسيبريا وشبه جزيرة القرم "مساحتها26 ألف كيلو متر مربع" وقبجاق آجاريا وباطوم وأكرانيا والكرج الجورجيون والأبخاز "الأباظية"، ثم خضعت تلك الدويلات للجنويين الإيطاليين الذين استولوا على ثغور آزاق وكفّه ومنكوب واتخذوها محطات للتجارة في البحر الأسود والعدوان على المسلمين العثمانيين.
    وأرسل السلطان الفاتح حملة بحرية كبرى سنة 880هـ/ في 19 أيار/ مايو سنة 1475م بقيادة وزيره الصدر الأعظم كديك أحمد باشا إلى شبه جزيرة القرم ففتحها، وحرر سواحل البحر الأسود وبحر آزوف "آزاق" وطرد الجنويين، وحرر من أسرهم الأمير منكلي بن الحاج كراي، ونصَّبه السلطان الفاتح خاناً على بلاد القرم بالنيابة تلبية لطلب علماء القرم وأشرافها، وأرسله إلى بلاده، وصارت بلاد القرم ولاية ممتازة تابعة للدولة العثمانية، واستمرت تبعيتها للسلطنة العثمانية مدة ثلاث مائة سنة بعد ذلك التاريخ، وصار البحر الأسود بحيرة عثمانية وأصبحت حدود السلطنة العثمانية من الشمال عند خط العرض 55 جنوب موسكو.

    الحملات على رودس
    رحل فرسان القديس يوحنا من عكا سنة 1291م، ونزلوا في قبرص سنة 1301م، ثم استقروا كقراصنة في جزيرة رودس وما حولها من الجزر سنة 1308م، وشكلوا خطرا على الملاحة الإسلامية في البحر الأبيض المتوسط، وعجز عنهم المماليك، فأرسل السلطان ضدهم حملة بحرية سنة 885 هـ/ 1455م ففشلت، ثم أرسل حملة سنة 1467م ففشلت، ثم أرسل حملة سنة 1480م ففشلت بسبب الإمدادات الأوروبية، ولكنها فتحت في عهد السلطان سليمان القانوني، وهرب القراصنة إلى مالطة، واستقروا فيها.


    الفاتح وإيطاليا
    أدرك السلطان محمد الفاتح خطورة مركز إيطاليا الكاثوليكي، ودوره بالتحريض ضد المسلمين، فقرر غزوها، وأرسل حملة بحرية بقياد الصدر الأعظم كديك أحمد باشا في 26 تموز يوليو سنة 1480م، ففتح قلعة أوترانتو في جنوب إيطاليا، وصارت مركز لواء ـ سنجق عثماني، وبدأت المفاوضات لاستسلام نابولي قبل وصول الغزوة الهمايونية السادسة والعشرين في الربيع المقبل، ولكن نابولي لم تستسلم صلحاً، فغادر السلطان محمد الفاتح إسلامبول في 25 نيسان/ إبريل سنة 1481م، واتخذ من مرج السلطان "سلطان جايري" في منطقة أُسْكُدار الآسيوية البحرية قاعدة لتجهيز حملة إيطاليا.
    وفاة السلطان الفاتح
    رتبت البندقية خمس عشرة محاولة لاغتيال السلطان محمد الفاتح، ولكنها لم تنجح، ولذلك لجأت إلى الحيل السرية، فأرسلت الطبيب اليهودي البُندقي المدعو يعقوب باشا Maestro Lacopo فادعى الإسلام ظاهراً، وأسرّ اليهودية باطناً، ونظراً لسلامة طوية المسلمين فقد ترقى ذلك اليهودي حتى صار الطبيب الخاص للسلطان محمد الفاتح، وحينما كان يستعد للحملة السادسة والعشرين شعرت البندقية بخطر فظيع، فاتصلت سرًّا بالطبيب الخاص المدعو يعقوب باشا ووعدته بمكافأة مالية مقدارها عشرون مليون دولار بأسعار زماننا، فدسّ السمّ للسلطان الفاتح، فتوفي في 3 أيار/ مايو سنة 1481م، ودُفن السلطان في قبره الخاص جنوب محراب جامع الفاتح في إسطنبول، وافتضح سرُّ الطبيب الخائن فتقاسمته سيوف الجنود، ولم يقبض ثمن خيانته من جمهورية البندقية.
    ووصل نبأ وفاة النسر الكبير إلى أوروبا فأمر البابا بدق نواقيس الكنائس ابتهاجا مدة ثلاثة أيام، بعد كل هذه الفتوحات لم يستطع الاوروبيون التمكن من الامير محمد الفاتح الا بالخدعة بعد خمسة عشر محاولة اغتيال فاشلة فأرسلوا بطبيب يبطن اليهودية ويظهر الاسلام فقدم للامير السم فاستشهد رضي الله عنه عام 1481م وأما ذلك الطبيب فقد قطع إربا بين سيوف الجنود .
    وكان عمر الفاتح 49 سنة وخمسة أيام، وكانت مدة سلطنته 13 سنة و21 يوما، ومدة آخر سلطنة له 30 سنة وشهران و28 يوماً، وترك ابنةً واحدة، وولدين هما: أبا يزيد الثاني، وجَمّ.وبعد وفاته آلت السلطنة إلى ابنه السلطان الغازي أبا يزيد خان الثاني.
    وحقق دولة عالمية واسعة بلغت مساحتها سنة 1453م 964000 كيلو متر مربع، منها 480000كيلو متر مربع في الأناضول، و 484000 كيلو متر مربع في الرومللي، ثم اتسعت حتى بلغت غداة وفاته 2214000 كيلو متر مربع منها 170000 كيلو متر مربع في آسيا، و511000 كيلو متر مربع في أوروبا، وعلى الصعيد القانوني وضع الفاتح وعلماء سلطنته دستور السلطنة المسمى: دستور الفاتح "فاتح قانون نامه سي" وخلف مكتبة حافلة بروائع المخطوطات المتنوعة وفيها ما أمر بترجمته من اللغات الأعجمية إلى اللغة العربية، وكتب عنه المؤرخ جيوفاني ماريا فيليلفو قصيدة من أطول القصائد التي كتبت عنه وتقع في 4706 أبيات

    رحم الله الامير فقد كان أميرا ورعا ومجاهدا تقيا..
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:34 pm

    فتح جزيرة رودس 929هـ:

    لما انتشر خير التجهيزات العسكرية وما عزم عليه السلطان سليمان القانوني , خافت فرسان ردوس سوء العاقبة فأسرع رئيسهم المدعو ويليه دوليل أدم De Villiers De L'lle-adam وأرسل سفراءه إلى الباب العالي بأنه مستعد لدفع جزية سنوية للدولة قاصداً بذلك تحويل السلطان عن نيته حتى يتيسر لأوروباً إمداده إلا أن السلطان طلب منه إخلاء الجزيرة وأن يأخذ معه كافة أمواله وكل من يريد الهجرة ولما لم يقبل أقلعت الأساطيل تحمل الجنود ومدافع الحصار الضخمة 928هـ وكانت الدوننما مركبة من 300 سفينة حربية و 400 سفينة نقلية تحت قيادة القبودان ييلان مصطفى باشا وبها 1000مقاتل تحت قيادة الوزير الثاني داماد مصطفى باشا ثم خرج السلطان بجيش عظيم براً قاصداً قرضة مرمريس الواقعة بساحل الأناضول تجاه جزيرة رودس للإمداد والوقوف على حركات التجريدة.
    وفي اليوم الرابع من شهر شعبان من السنة المذكورة وصلت الأساطيل إلى ساحل الجزيرة المذكورة أمام المكان المسمى الآن جم باغجه ولأجل إشغال أهالي رودس حتى تخرج العساكر بسهولة , أخذت السفن تمر أمام قلعتها الحصينة ذهاباً وجيئة فأطلق عليها المدافعون قنابل كالأمطار ولكن لم تصب السفن بشيء منها لقربها من الساحل ثم رست مع باقي السفن في فرضة أو كوزبورنو الواقعة غربي الجزيرة وأخرجت المهمات والذخائر ومدافع الحصار ثم شرع القائد عند ذلك في ترتيب نظام الحصار حول مدينة رودس وبينما كان مصطفى باشا يحاصر المدينة وصل السلطان براً مع الجيش إلى فرضة مرمريس وذهبت السفن إليه فنقلته مع الجيش إلى الجزيرة وبعد أن شاهد حصونها شرع في ترتيب أمر الحصار بنفسه.
    ولما رأى متانة القلاع التي شيدها فرسان الجزيرة حول مدينتهم وما أظهروه من الشجاعة والإقدام في أمر الدفاع أصدر الأوامر المحتمة بتشديد الحصار براً وبحراً واستمراره , وتخريب قلاعهم بالمدافع , وغير ذلك من الترتيبات , واستمر الحصار مدة سبعة شهور متوالية ولما رأى الفرسان أن التضييق عليهم وتخريب قلاعهم أضرا بهم وعلموا أن السلطان لا يرجع عن منازلتهم إلا بالاستيلاء على المدينة، سيّما وأنه هو القائم بنفسه على قيادة جيوشه وأن ليس في إمكان أوروبا إمدادهم بادروا بالخضوح وطلبوا تسليم المدينة للسلطان فعند ذلك أصدر الأوامر للأساطيل والجيوش بالكف عن الحرب وأرسل إليهم زغرجي باشا رئيس اليكجرية لعقد شروط التسليم.
    وفي تلك الأثناء وصلت سفن من أوروبا لمساعدة الفرسان فلما رأوها ظنوا أنهم تقووا بها وصار في إمكانهم صد أبطال العثمانيين فعادوا للمدافعة والمقاومة فأمر السلطان بزيادة التضييق والأكثار من الهجوم عليهم فلم يفلحوا فيما ظنوه بل صار لهم ضغثا على إبالة لأنهم بعد أن خسروا خسائر عظيمة عادوا وطلبوا الأمان من السلطان فأمنهم وأتى رئيسهم فلاري آدام بنفسه إلى خيمة السلطان لعقد شروط التسليم التي كان من ضمنها التصريح لكافة أمراء الفرسان المذكورين ومن تبعهم بمبارحة الجزيرة وأن يأخذوا أمتعتهم وأسلحتهم الخصوصية فقط وغير ذلك ولما تمّ عقد الشروط استولى السلطان على قلاع المدينة المذكورة في يوم 7 صفر سنة 929هـ 1522 م ودخلها جنوده, أما فرسان القديس يوحنا فإنهم ذهبوا إلى جزيرة مالطة وأمن السلطان الأهالي وصرح لهم بمعاطاة أعمالهم وإجراء رسوم دينهم بكامل الحرية.

    لويس الثاني ملك المجر يعتدي على حدود الدولة :
    ولما كان السلطان مشتغلاً بفتح رودس اتخذ لويس الثاني ملك المجر ذلك فرصة وتعدي على حدود الدولة بالرومللي فقاومته جنود نكيولي وسمندرة فلما عاد السلطان وبلغه هذا الخبر صمم على محاربة المجر فأرسل جيشاً مركباً من 300 ألف مقاتل تحت قيادة الصدر الأعظم إبراهيم باشا 932هـ 1526م وأسطولاً مركباً من 800 سفينة مشحونة بالذخائر والعدد إلى نهر الطونة ثم خرج السلطان بنفسه حتى وصل إلى جهة سرم بعد أن عبر نهر صاوه على جسر ودخل الصدر بجيشه بلاد المجر وفتح جملة بلاد منها راجه وأرادين وأبلوق وأرك وغراغوريجه وجرويك وبرقاص وديمتروقجه وتوكاى ويوادخ وبرا جه ودوكن وصوتين وبقوار وأرداد وغيرها ثم تقابل مع جيش مجري مؤلف من 150 ألف مقاتل يقوده لويز الثاني ملك المجر بنفسه في صحراء مهاج Mohacs وانتشب بينهما القتال وفي أثنائه وصل السلطان الغازي مع جموعه فأخذ قيادة الجيش بنفسه فتقوّت بذلك قلوب العثمانيين وتضاعفت شجاعتهم الفطرية خصوصاً لما نادى السلطان فيهم مشجعاً حاثاً محرضاً واعداً متوعداً فلم يمض على ذلك غير القليل حتى انهزم المجريون مع من كان انضم إليهم من جيوش الكرواسيين مساعديهم.
    وبينما كان لويز الثاني يولي الأدبار ساخت قوائم فرسه في غدير فوقع وقعة شديدة كان فيها حتفه ومات من جنوده في هذه الواقعة أكثر من عشرين ألف جندي وبعد قليل استولى السلطان على مدينة بودين (بوده) تخت مملكة المجر بلا حرب ثم استولى على مدينة واردين وفتح قلاع بشته بست وزجدين وباجقه وتتل وباج وسيتا وبانقه وببرلك وقميني وفلك حاجي وعدة جهات من جنوبي تلك المملكة ثم قفل راجعاً إلى استانبول منصوراً ظاهراً.

    محاصرة ويانة - فيينا - :
    لما لم يكتف السلطان باسترداد بودين واقعاً دجان زابولي على تختها أراد أن يظهر لفريدينند وشرلكان ما عليه العثمانيون من القوّة والاقتدار فصمم على محاصرة مدينة ويانة المسماة في التواريخ القديمة العثمانية باسم بج ولما سمع فردينند بعزم السلطان أخذ في جمع الجنود واستمد شرلكان واستعد لصد العثمانيين الذين لما وصلوا إلى جهات استرغون بلغهم أنّ فردبنند لما لم يتمكن من جمع القوّة الكافية للمدافعة ترك عاصمته وانسحب إلى الجهة الأخرى من مملكته فتفرق العثمانيون فرقاً عديدة حتى وصلت في العشرين من شهر محرم من السنة المذكورة إلى مدينة ويانة وهناك نصبوا خيامهم وحطوا رحالهم واستعدوا لإلقاء الحصار عليها.
    ولم يكن بتلك المدينة للنمساويين سوى 20 ألف جندي معهم 72 مدفعاً أما جيش العثمانيين فكان يتألف من 120ألف مقاتل معهم 400 مدفع ثم حصل بين العثمانيين والنمساويين نحو عشر وقائع كان النصر فيها جميعها للعثمانيين ولما رأى السلطان أن العدوّ كف عن القتال وما عاد يخرج من المدينة كالسابق وأن فصل الشتاء قد أقبل وأنه لم يجلب معه مدافع الحصار العظيمة لأن مجيئه لم يكن القصد منه الاستيلاء على ويانة التي لا يمكن فتحها إلا بالمدافع الضخمة قرر العودة إلى استانبول للأسباب المذكورة وفي تلك الأثناء أتى مأمور من عند النمساويين للمكالمة في الصلح مخبراً بأن دولة النمسا تتعهد بالامتناع بعد ذلك عن المداخلة في أحوال المجر ثم أطلق سراح الأسرى من الجانبين وعاد السلطان إلى الاستانة وقد تحمل الجيش مشقة عظيمة عند الرجوع لحلول فصل الشتاء 936هـ .
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:34 pm

    الحروب الصليبية ضد الدولة العثمانية
    يعود العثمانيون الأتراك فى أصولهم إلى قبيلة قايى التى كانت تسكن شمال بحر قزوين -بحر الخزر- وعندما احتل المغول بلاد التركستان فى القرن 7 هـ هاجرت إلى أذربيجان، وبعد وفاة زعيمهم سليمان شاه خلفه ابنه أورخان أبو الأتراك العثمانيين، ولكن الدولة تنسب إلى ابن أخيه عثمان بن أرطغرل. دخل عثمان إلى جانب السلاجقة فى صراعهم ضد البيزنطيين واستولى على قلاع وحصون بيزنطية فى وسط آسيا الصغرى؛ فكافأه السلطان علاء الدين الثالث السلجوقى بلقب الأمير , وبعد وفاة السلطان استقل عثمان بإمارته , واستولى على بروسة -تطل على بحر المرمر-، من الدولة البيزنطية، وأسس الدولة العثمانية التي تعد أكثر الدول فى الفتوحات الإسلامية بعد الدولة الأموية، منذ تاسيسها عام (699هـ) , واستمرت بالدعوة الى الجهاد، وفتحت أوربا وآسيا الصغرى والقسطنطينية (857هـ/1453م) وبلغراد والبوسنة والهرسك ودخل أهلها فى الإسلام على يد السلطان محمد الفاتح، وفتحوا اليونان وقبرص ورومانيا وألبانيا. وفى عام 923هـ تنازل الخليفة العباسي لها وأعلنت الدولة الخلافة الإسلامية

    اهتمم العثمانيون بالفتوحات, واهتموا بالجوانب الحضارية والعمران ، فكان سلاطين العثمانيين حريصين على أن يبنوا فى كل بلد يفتحونه مسجدًا ويخصصون له الأئمة والفقهاء، وينشرون الإسلام بين أهل هذا البلد، وألحقوا به مدراس العلوم الشرعية والعلوم، وفى عهد بايزيد بنوا مركزًا ضخمًا لبناء السفن وإصلاحها فى مدينةغاليبولى، وفى عهد محمد الفاتح تم صنع مدفع ضخم استخدم فى فتح القسطنطينية، واختراع نوع جديد من القنابل المتفجرة التى تنفجر إذا اصطدمت بجسم صلب لأول مرة فى تاريخ الحروب. وبنى فيها مسجدًا ضخمًا، وألحق به مستشفى اسمه دار الشفاء ومدرسة للطب . وفى عهد السلطان أحمد خان الثالث أسس دار للطباعة فى إسلام بول، وزودها بمطبعة حديثة، وبلغ عدد المكتبات فيها 45 مكتبة تضم 64162 مجلدًا .
    ومن كبار المعماريين سنان، مسئول الأعمال المعمارية فى إستانبول وبناء السفن الحربية.
    أدى توسع الدولة العثمانية فى أوربا إلى العداء الشديد لها من الدول الأوروبية، فعملت على التحالف مع روسيا القيصرية ضدها , وحرصت مراكز الأبحاث الأوروبية على دراسة العثمانيين للعمل على تقويضها، وتشويه تاريخ الدولة العثمانية وتشجيع الحركات الانفصالية التى قامت ضدها، حتى سقطت عام 1337هـ/1924م. وأثر هذا التشويه على كل الدراسات التاريخية التى تناولت الدولة العثمانية بعد ذلك بما فى ذلك الكتب العربية إلا القليل منها الذى حاول إنصاف تاريخ هذه الدولة المجاهدة.

    شريط الأحداث
    (699هـ) سقطت دولة سلاجقة الروم وبدأ عثمان يتصدى للدولة البيزنطية.
    (717هـ) فتح العثمانيون الحصون والقلاع البيزنطية منها حصن بروسة التى أسلم حاكمها أفرينوس.
    (726هـ) توفى عثمان وتولى الحكم ابنه أورخان ونقل إدارات الدولة إلى مدينة بروسة، وترك لأخيه علاء الدين الشئون الداخلية، وتفرغ لمواجهة البيزنطيين ، فبدأ يعيد ترتيب الجنود ويدربهم ويربيهم تربية إسلامية وعسكرية.
    (736هـ) اختلف أبناء حاكم إمارة قره سى الواقعة شرق بحر إيجة على من يخلف أباهم فى الحكم، فأسرع أورخان بضمها إلى الدولة حتى لا تقع فى يد الروم.
    (758هـ) فكر أورخان فى الاستيلاء على الإمبراطورية البيزنطية ، فأرسل حملة بقيادة ابنه سليمان استولت على القطع البحرية البيزنطية، وعبرت إلى الشاطئ الأوربى وفتحت بعض القلاع.
    (760هـ) توفى أورخان وتولى الحكم بعده ابنه مراد الأول، فقام بفتح أنقرة.
    (762هـ) فتح العثمانيون مدينة أدرنة، وجعلها مراد عاصمة الدولة، حتى فتحت القسطنطينية.
    (763هـ) تمكن العثمانيون من فتح مدينة فيليه وبذلك أصبحت القسطنطينية محاطة بالعثمانيين، واضطر حاكمها إلى دفع الجزية، ثم بدأ يؤلب أمراء أوربا ضد العثمانيين، فجهزوا حملة صليبية لمواجهة التقدم الإسلامى نحو القسطنطينية، وتقدم الجيش الصليبى نحو أدرنة العاصمة ، والتقوا بالجيش العثمانى على نهر مارتيزا، فهزمهم العثمانيون هزيمة منكرة.
    (780هـ) اضطر ملك الصرب لازار بلينا نوفتش، وأمير البلغار سليمان إلى دفع جزية سنوية للدولة العثمانية.
    (784هـ) تأخر الصرب والبلغار فى دفع الجزية؛ فتوجهت إليهم الجيوش العثمانية، وفتحت صربيا فى جنوبى يوغسلافيا، وحاصرت "صوفيا"عاصمة بلغاريا وفتحتها، وفتحت مدينة سلانيك اليونانية .
    (791هـ) هاجم الصرب القوات العثمانية جنوب صربيا عام (718هـ) وكان العثمانيون منشغلين بقتال دولة القرمان فى الأناضول، ولما فرغوا توجههوا إلى الصرب وقاتلوهم قرب إقليم كوسوفو جنوبى يوغسلافيا وانهزم الصربيون ووقع ملكهم لازارا أسيرًا . واستشهد السلطان سليم الأول في المعركة وتولى بعده ابنه بايزيد "الصاعقة" لأنه كان كثير الجهاد ينتقل من أوربا إلى الأناضول، ثم يعود مسرعًا إلى أوربا.
    (794هـ) اتجه بايزيد إلى القسطنطينية وحاصرها، ثم تركها.
    - (798هـ) أعد ملوك أوربا حملة صليبية جديدة على الدولة العثمانية، وقامت الحملة بمحاصرة مدينة "نيكوبلى" فى شمال بلغاريا، ووصل جيش السلطان بايزيد، وانتصر العثمانيون، وأسروا دوق بورغونيا، وعددًا آخر من الأمراء.
    10 جمادى الأولى (857هـ) فتح السلطان محمد الفاتح القسطنطينية ، وأمن الناس على أنفسهم وأموالهم، وسمح للنصارى بإقامة شعائرهم الدينية دون معارضة.
    (863هـ) فتح محمد الفاتح بلاد الموره، وجزر بحر إيجة قرب مضيق الدردنيل. وامتنع أمير البوسنة على دفع الخراج، فسار إليه السلطان وانتصر عليه، وضم البوسنة للدولة ,وحاول ملك المجر مساعدة أمير البوسنة، ولكنه هُزم، وأسلم أهل البوسنة .
    (878هـ) عزم محمد الفاتح على دخول بلاد القرم، ودفع التتار سكان القرم الجزية للدولة .
    (920هـ) فتح السلطان سليم الأول القلاع فى أذربيجان، وقام بحرب شاملة ضد الدولة الصفوية فى إيران.
    (922هـ) انتصر العثمانيون على المماليك فى معركة مرج دابق شمال غربى مدينة حلب .
    (923هـ) انتصر العثمانيون على المماليك فى معركة الريدانية ودخل السلطان سليم القاهرة وانتهت دولة المماليك.
    - (928هـ) أرسل السلطان سليمان القانونى إلى ملك المجر رسولا يطالبه بدفع الجزية؛ فقتل الملك الرسول؛ فجمع السلطان جيشه وسار لقتال ملك المجر وهزم المجريين ودخل مدينة بلغراد.
    (929هـ) فتح سليمان القانونى جزيرة رودس في البحر المتوسط، وكانت هذه الجزيرة تمامًا مثل جزيرة قبرص وكريت، مصدر إزعاج دائم للدولة العثمانية والسواحل الشامية والمصرية، ذلك لأن كرسي البابوية، جعل هذه الجزر وقفًا على جماعة فرسان المعبد وفرسان القديس يوحنا الصليبية، لتكون قواعد انطلاق للإغارة على بلاد المسلمين وكانت جزيرة رودس بالأخص حصنًا حصينًا لفرسان القديس يوحنا، الذين كانوا يقطعون طريق الحجيج العثماني. فقرر السلطان سليمان القانوني فتح هذه الجزيرة العنيدة، وأعد حملة كبيرة قادها بنفسه، وقام بعد معارك عنيفة وآلاف الشهداء بفتح هذه الجزيرة، وطرد فرسان القديس يوحنا منها، فانتقلوا إلى جزيرة مالطة التي أعطاها لهم الإمبراطور شارلكان الإسباني.
    (939هـ) ضمت الدولة العثمانية شبه جزيرة القرم إليها .
    (943هـ) انتصر العثمانيون على النمسا .
    (954هـ) عقدت معاهدة بين الخليفة والنمسا، تدفع النمسا بموجبها جزية سنوية لقاء ما بقى تحت يدها من المجر.
    (944هـ) استولت الدولة العثمانية على عدن ومسقط وهرمز، وأصبحت اليمن ولاية عثمانية.
    (958/957هـ) انتصرت الجيوش العثمانية على النمسا فى عدة مواقع.
    (971هـ) حاصر العثمانيون جزيرة مالطة أربعة أشهر، ولم يفتحوها.
    (978هـ) فتحت جزيرة قبرص، التي كانت تتبع البندقية.
    (991هـ) فتح العثمانيون بلاد الداغستان فى القوقاز.
    (1005هـ) هزمت الجيوش العثمانية جيوش المجر والنمسا فى موقعة "كرزت".
    من عام ( 1027هـ - 1171هـ) منيت الدولة العثمانية بهزائم من الدول الأوروبية ؛ بسبب التحالف العسكري الاوروبي ضدها وظهور المسالة الشرقية التي عملت على وقف التوغل العثماني في اوروبا .
    (1182هـ) اعتدى القوزاق الروسى على بعض نقاط الحدود مع الدولة العثمانية؛ فقامت إحدى الفرق العثمانية على بعض الأراضى الروسية؛ فخربت عددًا من الضياع.
    (1183هـ) احتل الروس إقليمى الأفلاق والبغدان.
    (1185هـ) نجحت روسيا فى احتلال بلاد القرم وفصلها عن الدولة العثمانية.
    (1200هـ) أعلنت النمسا الحرب على الدولة العثمانية، وحاول إمبراطور النمسا احتلال بلغراد لكنه فشل وهُزم .
    ( 1213هـ) دخل الفرنسيون مصر بقيادة نابليون بونابرت، وبدأت الدولة العثمانية تستعد لقتال الفرنسيين.
    ( 1216هـ) دخل العثمانيون مصر، واضطر الفرنسيون للانسحاب منها.
    (1239هـ) بدأت الجيوش التابعة للعثمانيين بقيادة إبراهيم بن محمد على باشا الإبحار إلى بلاد اليونان.
    (1240هـ) استطاع إبراهيم باشا فتح مدينة "نافارين" اليونانية.
    (1241هـ) دخل العثمانيون أثينا .
    - (1242هـ) تحالفت الدول الأوربية، وكونت حملة صليبية ضخمة أحاطت بأسطول إبراهيم باشا وأجبرته على الانسحاب من اليونان بعد أن دُمر أكثر أسطوله وقُتل عدد كبير من جيشه.
    (1245هـ) بدأت فرنسا فى احتلال الجزائر ولقيت مقاومة عنيفة من الأمير عبد القادر الجزائرى ولكنه استسلم فى عام (1263هـ).
    ( 1247هـ) تمكن إبراهيم باشا من الاستيلاء على عدد من المدن الشامية، وسير الخليفة العثمانى له جيشًا بقيادة رشيد باشا ولكنه هُزم .
    ( 1248هـ) اتفقت الدولة العثمانية ومحمد على باشا على توقيع معاهدة "كوتاهية".
    - (1293هـ) بدأت تظهر بعض الجمعيات والمؤسسات التى كان يسيطر عليها اليهود بشكل أو بآخر، وتدعو إلى التعصب القومى ومنها جمعية "تركيا الفتاة"، وجمعية "الاتحاد والترقى"، وعملت على إسقاط الخلافة الإسلامية والدعوة إلى القومية التركية. - بينما كانت الدول الأوربية تشجع الثورة والتمرد على الدولة العثمانية فى الولايات التابعة لها، فقامت ثورة الصرب والجبل الأسود، وثورة البلغار. - وبذل السلطان عبد الحميد2 محاولات كثيرة لاتحاد وتماسك الدولة .
    (1294هـ) تجددت المعارك مع روسيا القيصرية فى بلاد اليونان، وانتصرت روسيا فى مواقع، وهُزمت فى مواقع أخرى.
    (1295هـ) توقف القتال بين روسيا والدولة العثمانية وعقدت معاهدة سان استيفانوس وسلخت من الدولة العثمانية بعض أملاكها في اوروبا واسيا .
    - ( 1295هـ) عقد مؤتمر فى برلين دعت إليه النمسا وحضرته بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وفي هذا المؤتمر حصلت روسيا والنمسا وبريطانيا على أجزاء كبيرة من الدولة العثمانية، فأعطيت البوسنة والهرسك للنمسا، وبلغاريا وبسارابيا إلى روسيا، وازدادت أطماع الدول الأوربية فى أملاك الدولة العثمانية، فطمعت فرنسا فى الجزائر وتونس، وطمعت إنجلترا فى مصر التى احتلتها بالفعل عام 1299هـ، وبعد تمزق الدولة فى الخارج بدأ التمزق الداخلى عن طريق بعض الجمعيات والمؤسسات التى تدعمها أوربا ومنها جمعية الاتحاد والترقى التى يسيطر عليها يهود الدونمة.ولقبتها اوروبا بالرجل المريض .
    (1328هـ) تم عزل السلطان عبد الحميد الثانى بضغط من جمعية الاتحاد والترقى، ووولوا أخوه محمد رشاد "محمد الخامس"، وصار الاتحاديون حكام البلاد الفعليين , وفى هذا العام احتلت إيطاليا ليبيا.
    (1330هـ) أعلن الجبل الأسود الحرب على الدولة العثمانية، وتحالف مع صربيا وبلغاريا واليونان، وتمكنوا من إحراز النصر على الدولة العثمانية التى فقدت معظم أراضيها فى أوربا.
    (1334هـ) وبدأ مصطفى كمال أتاتورك يظهر على الساحة بعد أن رقى إلى رتبة لواء أو باشا، وفى عهد السلطان وحيد الدين عُين مفتشًا للجيوش فى إستانبول .
    - (1337هـ) ألغى مصطفى كمال السلطنة, وجرد الخليفة من السلطات السياسية كافة، ثم أعلن إلغاء الخلافة الاسلامية رسميًا عام (1337هـ/1924م) وطرد الخليفة من البلاد , وأعلن دولة تركيا العلمانية. وبذلك أصبح المسلمون حتى الآن بلا دولة خلافة تجمعهم، فأصاب الأمة الإسلامية الشتات والتمزق والفتن، وتكالب عليها الأعداء من كل جانب.
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:34 pm

    آل خير الدين - البارباروسيون - وأصلهم وحوادثهم:

    أصل هذه العائلة من صحراء آجه بالأناضول , كان والدهم من عساكر السياهي, وانتقل إلى جزيرة مديللي بعد فتحها لمصاحبة الجيش المحافظ لها , واتخذها موطنا له , ورزق هناك بأربعة أولاد , هم إسحاق وأورج وخضر وإلياس .
    ولما وصلوا إلى سن الرشد اشتغل إسحاق بالتجارة , واشتغل الثلاثة الباقون بالأسفار البحرية .
    كان خضر يتردد بالأسفار زمن السلطان بايزيد على سواحل مروة وسلانيك , وكان أوروج وأخوه إلياس يترددان على السفر إلى مصر وبر الشام , فصادفا مرة في بعض أسفارهما سفنا لقراصنة رودس قبل فتحها , فحصل بينهما وبين هذه السفن محاربات دموية قتل فيها إلياس وأسر اوروج .
    فلما بلغ الأمير قورقود ابن السلطان بايزيد وهو حاكم القرمان تلك الحادثة تدخل في الأمر حتى تمكن من إطلاق أوروج الذي صمم على الأخذ بالثار من أعدائه , واستأذن الأمير في الخروج , فأمده بسفينة ذات ستة وثلاثين مقذافاً , وكان السير بالبحر الأبيض المتوسط في الوقت المذكور محفوفاً بالأخطار بسبب تعرض سفن القراصنة الاوروبيين للمراكب التجارية , ولعدم الأمنية كانت السفن التجارية مضطرة لأن تكون دائماً مجهزة بالآلات الحربية.
    ثم تقابل مع أخيه خضر بالقرب من جزيرة جربة واتفقا مع الأمير محمد الحفصى سلطان تونس على أن يتنازل لهما عن قلعة حلق الوادي ليجعلاها مركزاً لها ويكفيانه بذلك شر أعدائه وقبل منهما ذلك , فأخذا يتجولان بسواحل أوروبا , ولما انضم إليهما بعد ذلك أخوهما إسحاق الذي كان يشتغل بالتجارة كثرت مراكبهم وطار ذكرهم وعلا اسمهم في البحار .

    اتجه الإسبان بعد سقوط الأندلس في أيديهم إلى شمال إفريقيا، متطلعين إلى بسط أيديهم على تلك المناطق، فاحتلوا "المرسى" الكبير في غرب الجزائر سنة (911هـ = 1505م)، واستولوا على مدن: مليلة، والجزائر، وبجاية، وطرابلس، ووهران، وغيرها من المدن الساحلية، وكان ذلك خطرًا داهمًا هدد المسلمين في شمال إفريقيا، ولم تكن هناك قوى منظمة يمكنها دفع هؤلاء الغزاة الجدد.
    وأثار هذا الخطر عددًا من البحارة المسلمين من سكان تلك المناطق، فتحركت في نفوسهم نوازع الجهاد والغيرة على بيضة الإسلام، وكانوا قد خدموا من قبل في الأسطول العثماني، فتكونت لديهم خبرة جيدة بالبحر وبفنون القتال، فتعاهدوا على مواجهة الغزاة الجدد، واتخذوا من جزيرة "جربة"، التونسية مركزًا للقيام بعملياتهم الحربية في البحر المتوسط، وكان يقوم على هذه العمليات الأخَوَان "عروج" و"خير الدين بارباروسا".
    وقد أثمرت سياسة هؤلاء البحارة في مهاجمة سفن الإسبان، فتوقفوا عن مهاجمة الثغور الإسلامية، وأحجمت الدول الأوروبية التي كانت تنوي انتهاج هذه السياسة. وتوج الأخوان جهودهما باستعادة ميناء "بجاية" الجزائري من الإسبان سنة (921 هـ = 1515م) ونقل عروج قاعدة عملياته البحرية إلى ميناء "حيجل" الجزائري؛ ليتمكن من توجيه ضربات موجعة للإسبان.
    استطاع عروج أن يقيم حكومة قوية في الجزائر، وأن يطرد الإسبان من السواحل التي احتلوها، ويوسع من نطاق دولته حتى بلغت "تلمسان" , وامتلكوا بشمال أفريقية مدن جيجلي والجزائر وشرشيل وتنس وتلمسان وبجاية , وصاروا حكاماً عليها . وفي هذه الأثناء اتصل بالسلطان العثماني "سليم الأول"، وأعلن طاعته وولاءه للدولة العثمانية، غير أن إسبانيا هالها ما يفعله "عروج" ورجاله، ورأت في ذلك خطرًا يهدد سياستها التوسعية، ويقضي على أحلامها ما لم تنهض لقمع هذه الدولة الفتية، فأعدت حملة عظيمة بلغت خمسة عشر ألف مقاتل، ثم اتحد الاسبان مع التلمسانيين بقصد الإيقاع بالبارباروسيين وبعد أن حاصروهم ستة شهور بتلمسان حصاراً شديداً , تمكنت من التوغل في الجزائر ومحاصرة تلمسان، ووقع عروج أسيرًا في أيديهم، وقتلوه في (شعبان 924 هـ = أغسطس 1518م).
    استشهد الأخوان المذكوران فبقى أخوهم خضر بعد ذلك صاحب المدن التي بقيت لهم من المدن المذكورة يحكمها مستقلاً فحاز هناك وبسواحل أوروبا شهرة عظيمة وذكراً مهيباً حتى كان الافرنج يخوفون أطفالهم بذكره .

    وخلف "خير الدين بارباروسا" أخاه في جهاده ضد الإسبان
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:35 pm

    ولاية خير الدين على الجزائر

    خلف "خير الدين بارباروسا" أخاه في جهاده ضد الإسبان ، ولم تكن قواته تكفي لمواجهة خطر الإسبان، ولم يكن خير الدين أقل حماسة وغَيْرة من أخيه، فاستنجد بالدولة العثمانية طالبًا العون منها والمدد، فلبّى السلطان "سليم الأول" طلبه، وبعث إليه قوة من سلاح المدفعية، وأمده بألفين من جنوده الإنكشارية الأشداء، ثم واصل السلطان "سليمان القانوني" هذه السياسة، ووقف خلف خير الدين يمده بالرجال والسلاح ,فواصل حركة الجهاد. وتابع عملياته البحرية حتى تمكن من طرد الإسبان من الجيوب التي أقاموها على ساحل الجزائر، وضمّ إلى دولته مناطق جديدة، وقادته رغبته الجامحة في مطاردة الإسبان إلى غزو السواحل الإسبانية، الأمر الذي أفزع الغزاة، وألقى الهلع في قلوبهم، ثم قام خير الدين بعمل من جلائل الأعمال؛ حيث أنقذ سبعين ألف مسلم أندلسي من قبضة الإسبان الذين كانوا يسومونهم سوء العذاب، فنقلهم في سنة (936هـ = 1529م) على سفنه إلى شمالي إفريقيا.


    خير الدين في إستانبول

    قام السلطان سليمان القانوني باستدعاء خير الدين بارباروسا إليه في إستانبول، وعهد إليه بإعادة تنظيم الأسطول، والإشراف على بناء عدد من سفنه، ثم وكل إليه مهمة ضم تونس إلى الدولة العثمانية، قبل أن يتمكن السلطان الإسباني "شارل الخامس" من الاستيلاء عليها، وكانت ذات أهمية كبيرة لموقعها المتوسط في السيطرة على الملاحة في حوض البحر المتوسط.
    غادر خير الدين العاصمة العثمانية على رأس ثمانين سفينة وثمانية آلاف جندي، واتجه إلى تونس، ونجح في القضاء على الدولة الحفصية التي كانت تحكم تونس، وأعلن تبعيتها للدولة العثمانية سنة (941 هـ = 1534م).

    أثار هذا النصر شارل الخامس وزاده حنقًا، ورأى فيه تهديدًا للمواصلات البحرية التي تربط بين إيطاليا وإسبانيا، وانتصارًا للإسلام، وتشجيعًا لمجاهدي شمال إفريقيا على مواصلة الهجوم على السواحل الإسبانية واستنقاذ المسلمين الأندلسيين؛ ولهذا تحرك على الفور، وقاد حملة جرارة على تونس، تمكنت من الاستيلاء عليها في السنة نفسها، ورد خير الدين على هذا الانتصار بغارة مفاجئة على جزر البليار في البحر المتوسط، فأسر ستة آلاف من الإسبان، وعاد بهم إلى قاعدته في الجزائر، ووصلت أنباء هذه الغارة إلى "روما" وسط احتفالات البابوية بانتزاع تونس من المسلمين , فنغصت عليهم احتفالهم الذي لم يكتمل .
    أراد السلطان سليمان القانوني مكافأة خير الدين على جهوده وخدماته للإسلام، فعيّنه قائدًا عامًّا للأسطول العثماني، وجعل في منصبه بالجزائر ابنه "حسن باشا"، الذي واصل جهود أبيه في مهاجمة الإسبانيين في غرب البحر المتوسط.
    وقاد "خير الدين بارباروسا" عدة حملات بحرية موفقة، كان من أشهرها فوزه العظيم في معركة "بروزة" بالبحر المتوسط.


    حرب "بروزة" البحرية الشهيرة:

    كانت معركة هائلة تداعت لها أوربا؛ استجابة لنداء البابا في روما، فتكوّن تحالف صليبي من 600 سفينة تحمل نحو ستين ألف جندي، ويقوده قائد بحري من أعظم قادة البحر في أوربا هو "أندريا دوريا"، وتألفت القوات العثمانية من 122 سفينة تحمل اثنين وعشرين ألف جندي، والتقى الأسطولان في بروزة في (4 من جمادى الأولى 945 هـ = 28 من سبتمبر 1538م)، وفاجأ "خير الدين" خصمه قبل أن يأخذ أهبته للقتال، فتفرقت سفنه من هول الصدمة، وهرب القائد الأوروبي من ميدان المعركة التي لم تستمر أكثر من خمس ساعات، تمكن في نهايتها خير الدين من حسم المعركة لصالحه.وقد أثار هذا النصرُ الفزعَ والهلعَ في أوربا، في الوقت الذي استقبل فيه السلطان سليمان القانوني أنباء النصر بفرحة غامرة، وأمر بإقامة الاحتفالات في جميع أنحاء دولته.
    تفاصيل معركة "بروزة" :
    لما أقلعت الدوننما - الاساطيل - السلطانية من استانكوي ووصلت إلى اغريبوز , لحق بها أسطول صالح بك وبعد أن أخذت ما يلزمها من الماء والذخيرة وتركت ما معها من السفن الضخمة , أقلعت قاصدة الجزائر السبعة , وبوصولها إلى متون رست بها , وهناك علم خير الدين باشا أن أساطيل الدول المتحدة مجتمعة أمام "بروزة"تحاصرها وتشدد عليها الحصار , فأرسل صالح بك بإسطوله إلى تلك الجهة للاكتشاف , ولما وصل الأسطول إلى جزيرة زانطة شاهد فرقة بحرية من سفن الأعداء آخذة في التقدم نحو الشاطئ , ولما وصل إلى جزيرة باكسو وشاهد الأعداء تموج العلم العثماني تركوا "بروزة" ورجعوا إلى جزيرة كورفو.
    أما خير الدين باشا فإنه أخذ ما يكفيه من المياه من بلدة حلوميج وقصد كفالونيا وأنزل فيها بعض جنوده وتقدم نحو ميناء "بروزة" مظهراً للأعداء سطوة العثمانيين , وتلاقى بأسطول صالح بك ثم قوى قلعة "بروزة" ووضع فيها ذخائر حربية كثيرة وزاد في حاميتها من عساكر الدوننما ثم أخذ يراقب أحوال دوننما الأعداء المجتمعة بخليج كورفو مقدراً قوتها ثم عرض ما رآه من ذلك على السلطان.
    وفي غرة جمادى الأولى من سنة945هـ 1538 م أقبلت دوننما الأعداء تحت قيادة أندريا دور باتجاه "بروزة" وألقت مراسيها أمام جزيرة سنتماورو البعيدة عن موقع دوننما العثمانيين بأربعة أميال , وكانت هذه الدوننما الجسيمة مركبة من 52 سفينة للأمبراطور شارلكان و70سفينة للبنادقة وكانت تحت قيادة الأميرال كايلو و 30 سفينة للبابا و 10 سفن لقرصان مالطة و 80 سفينة لاسبانيا وبعض سفن أخرى للحكومات الأخرى البحرية أما الدوننما العثمانية فكانت مركبة من 140سفينة ما بين صغيرة وكبيرة فقط.
    وبعد أن تداول خير الدين باشا مع جميع رؤساء سفنه وفرقه طويلا وكان من أشهرهم مراد رئيس وطورغود وكوزلجه وصالح أجمعوا على قتال الأعداء بلا توان , ولما أقبل الليل قصد العدو أن يخرج إلى البر قسما من العساكر , ولذلك أراد إشغال العثمانيين عن التصدي له بمحاولة إحراق أساطيلهم أو بعضها, إلا أنه لتيقظ العثمانيين لم يتمكن الأعداء من نوال مقصدهم, ثم بعد يومين أرسل العدو جملة من سفنه من نوع الغالي فأتت ووقفت أمام مضيق يره ويزه ناشرة قلوعها وأخذت في إطلاق المدافع على الدوننما العثمانية فغضب العثمانيون من هذه التعديات وفارت دماؤهم. وأمر خير الدين باشا قائدهم بدق طبول الحرب , ثم خرج بالدوننما خارج المينا بعد أن رفعت أعلامها واصطفت على بعد ثمانية أميال منها على هيئة حربية ثم أمر خير الدين باشا السفن التي صارت على مرمى نيران المدافع أن تهجم على العدو بعد أن تطلق عليه الثلاثة مدافع الموجودة في مقدم كل منها وكانت نيران الأعداء شديدة ثم تمكنت فرقة من السفن الأربعين التي عينها خير الدين باشا للهجوم ودخلت وسط دوننما العدو قبل الغروب بعد أن تمكنت بقوّة مدافعها من تفريق سفنه إلى قسمين ثم بعد قليل تشتت السفن التي قدرت على التحرك من سفن الأعداء شذر مذر بحالة سيئة وكان دخول الليل فرصة عظيمة للعدو حيث تمكن بعض سفنه من الهرب إلا أن العثمانيين اقتفوا أثرهم.
    وفي اليوم التالي صاحباً دارت الدوننما العثمانية خلف جزيرة أياماورو وتقابلت مع سفن العدو ثانية بميناء اينجير , فهاجمتها , ولما لم يتمكن العدو من الفرار لسكون الريح صف سفنه على هيئة حربية وانتشب القتال باطلاق المدافع وكانت السفن الجسمية الحربية التي من نوع الغالون هي والتي من نوع القارك في المقدمة أما باقي السفن الصغيرة فكانت في الخلف تتربص هناك حتى متى وجدت فرضه هجمت على الجهة المراد مهاجمتها, كل ذلك بمقتضى فن الحرب البحري في العصر المذكور , وبهذه التشكيلات تمكن الأمير اندريادوريا من مقاومة العثمانيين زمناً طويلاً ولكون سرعة سفن الغالون والقارك بطيئة كحركتها كانت مقذوفات مدافعها الضخمة لا تذهب إلى مسافة طويلة وبذلك كانت أقل سرعة وحركة من أغربة العثمانيين التي كانت مقذوفات مدافعهم ترمي إلى مسافات أبعد بكثير من مدافع العدو ولهذا استولت الحيرة على الأميرال المذكور ولم يدر ما يصنع.
    فاتفق عند ذلك الأميرال أندريادوريا مع أميرال البنادقة وصنعا حركة حربية قدماً بها سفن الغالي إلى الإمام لتنجو سفنهم الجسيمة المذكورة ولما شاهد خير الدين باشا هذه الحركة قابلهما بفرقة من أساطيله , فخافا سوء العاقبة والتزما الرجوع خلف غلايينهم وأغربتهم , وصمم في هذه الحالة اندريادوريا على الهجوم على العثمانيين من الخلف ليحصرهم بين الغلابين والأغربة وسفنه الخفيفة , إلا أن خير الدين لم يترك له وقتاً لانفاذ هذا التدبير حيث انقض عليه سريعاً بأساطيل الجناحين ثم هجم عليه حتى اضطره للقهقرى وهجم أيضاً على السفن الخفيفة المحمية خلف الغالونات فتحير الأميرال أندريادوريا من هذه الحركة التي لم تكن تخطر بباله أصلاً ولذلك التزم الفرار من ميدان الحرب بما لدية من الأغربة السريعة تاركاً كافة السفن الجسيمة, فاستولى العثمانيون على أغلبها وغرق الكثير منها وأحرق خير الدين باشا ما لا يصلح من بينها.
    ولما كانت مناورة خير الدين هذه كدرس مفيد في علم الحرب البحري استعملها أمير الات الدولة الإنكليزية في محارباتهم البحرية كالأميرال رودني والأميرال جرفس سنت وينسنت والأميرال نيلسون وغيرهم فكانت كافلة لهم بالانتصارات العديدة والظفر في كل حروبهم البحرية وعقب هذا الانتصار أنعم السلطان سليمان على خير الدين باشا بلقب غازي.
    ولما ارتدت باقي الأساطيل بالخيبة أراد قوادها أن لا يرجعوا إلى بلادهم إلا باكتساب نصر ولو جزئي يحط عنهم بعض ما لصق بهم من أدران العار , فعرجوا على قلعة نوه الواقعة في ساحل ولاية هرسك وحاصروها براً وبحراً ولم يتمكن أمير تلك الولاية المسمى يالي بك من تخليصها من الحصار فسلمت إليهم عنوة وقتلوا جميع حاميتها من المسلمين , ولما بلغ السلطان خبر ذلك أصدر الأوامر بالتجريد عليهم لردها من يدهم , فأسرع خسرو باشا والي الرومللي بجيشه وحاصرها في فصل الربيع ولما وصلت الدوننما مع القبودان باشا بحراً تمكنوا من استخلاصها 946 هـ ثم فتح قلعة تيرة من يد البنادقة واهتم جنرال البنادقة الذي بقلعة زاره بردها فعاد خائباً.
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:36 pm

    وقبل وفاة جان زابولي ملك المجر الذي كان تحت حماية الدولة العثمانية المتزوج بالأميرة إيزابيلة بنت ملك بولونيا كان جعل ولده الذي له منها المدعو استيفان ولي عهده , إلا أن فردينند ملك بوهيميا طلب من الملكة إيزابيلة تسليم المملكة إليه حسب المعاهدة التي اتفق عليها مع زوجها قبل وفاته, وعرض على إيزابيله إقليم ترانسلفانيا وهو الأردل تحكمه مع ابنها المذكور , فلم تقبل وعدت ذلك منه تعدياً على حقها فأرسل فردينند عند ذلك جيشاً المحاربة المجر.
    ولما رأت إيزابيلة أنها غير قادرة على مقاومته أرسلت رسولًا إلى السلطان سليمان ومعهم جزية سنتين تلتمس منه المساعدة والإمداد , فأرسل جيشاً تحت قيادة الوزير صقوللي محمد باشا وخسرو باشا بكلر بك الرومللي ثم أرسل الأساطيل العثمانية تحت قيادة خير الدين باشا للمحافظة على جزائر بحر سفيد ثم خرج السلطان بنفسه إلى بلغراد ليدرك جيشه عند اللزوم وليكون أقرب إلى ميدان القتال , ولما اقترب السلطان من مدينة بودين أرسل له الوزير يخبره بظفره على الإعداد نصراً مبيناً ثم تقدم السلطان فرحا حتى وصل بودين.

    -

    خير الدين يغزو فرنسا

    كانت فرنسا ترتبط بعلاقات وثيقة مع الدولة العثمانية في عهد سليمان القانوني؛ ولذلك لما تعدى الإمبراطور شارل الخامس - شارلكان - على فرنسيس الأوّل ملك فرنسا , واشتعلت الحرب من جديد بينهما حول "دوقية ميلان" شمال إيطاليا , طلب فرانسوا النجدة من السلطنة العثمانية, فلم يتأخر السلطان عن تقديم المساعدات الحربية لملك فرنسا, فأرسل له السلطان دوننما مشكّلة من مائة سفينة حربية تحت قيادة قائده الباسل خير الدين باشا لمساعدة العمارة الفرنساوية التي كانت تحت قيادة دون انغيان وكانت مركبة من أربعين سفينة حربية ,
    وكانت آخر مرة يقود فيها إحدى حملاته المظفرة، فغادر إستانبول في (23 من صفر 950 هـ = 28 من مايو 1543م) على رأس قوة بحرية كبيرة، استولت وهي في طريقها إلى فرنسا على مدينتي "مسينة" التابعة لصقلية و"ريجيو" الإيطالية دون مقاومة، ثم استولت على ميناء "أوستيا" الإيطالي، وواصلت سيرها حتى دخلت ميناء طولون قاعدة البحرية الفرنسية في البحر المتوسط، ورفعت السفن الفرنسية الأعلام العثمانية، وأطلقت مدافعها تحية لها، ودخل الأسطول الفرنسي المكون من أربع وأربعين قطعة تحت إمرة خير الدين، وتحرك الأسطولان إلى ميناء "نيس" وسواحل إسبانيا ، ونجحا في استعادة الميناء الفرنسي في (21 من جمادى الأولى 950 هـ = 22 من أغسطس 1543م) وفتحت للفرنساويين جملة حصون وسلمتها لهم . ولما حل زمن الشتاء عادت العمارتان الفرنساوية والعثمانية إلى ميناء طولون لتمضية فصل الشتاء بها حسب العادة.

    ميناء طولون قاعدة إسلامية

    وبعد استعادة ميناء "نيس" , تم عقد معاهدة بين الدولتين في (16 من جمادى الآخرة 950 هـ = 16 من سبتمبر 1543م)، تنازلت فيها فرنسا عن ميناء طولون الفرنسي برضاها للإدارة العثمانية، وتحول الميناء الحربي لفرنسا إلى قاعدة حربية إسلامية للدولة العثمانية، التي كانت في حاجة ماسة إليه؛ حيث كان الأسطول العثماني يهاجم في غير هوادة الأهداف العسكرية الإسبانية التي كانت تهدد دول المغرب الإسلامي والملاحة في البحر المتوسط.
    وفي الفترة التي تم فيها تسليم ميناء طولون للدولة العثمانية أُخلي الثغر الفرنسي من جميع سكانه بأوامر من الحكومة الفرنسية، وتحول إلى مدينة إسلامية عثمانية، رُفع عليها العلم العثماني، وارتفع الأذان في جنبات المدينة، وظل العثمانيون ثمانية أشهر، شنوا خلالها هجمات بحرية ناجحة بقيادة خير الدين على سواحل إسبانيا وإيطاليا.
    وفي أثناء إقامتهم بتلك المدينة كان خير الدين باشا كلما زار أوقابل ضباط البحرية لامهم على إهمالهم أمر سفنهم , وكان الأميرال الفرنساوي دوق انغيان يسمع هذه الاعتراضات بأذن صاغية من هذا البطل الشهير ويحلها محلها من الاعتبار وقد أرشد الفرنساويين بذلك إلى جملة تحسينات بحرية.

    وفاة خير الدين بارباروسا
    كانت هذه الحملة المظفرة هي آخر حملة يقودها خير الدين، فلم تطل به الحياة بعد عودته إلى إستانبول، وتوفي في (5 من جمادى الأولى 953 هـ = 4 من يوليو 1546م)، مسطرًا صفحة مجيدة من صفحات التضحية والفداء والإخلاص للإسلام، وردع القوى الصليبية الباغية.
    -------------------------------------------------------
    3 صفر 964هـ ـ 8 يناير 1554م

    ضم المغرب للدولة العثمانية

    ذلك لأن المغرب الأقصى في ظل حكم الدولة السعدية صار حليفًا وثيقًا لإسبانيا والبرتغال، وندًا عنيدًا للدولة العثمانية، لذلك قرر السلطان العثماني «سليمان القانوني» ضم المغرب الأقصى ، ليكون الجميع جبهة واحدة ضد العدوان الصليبي الإسباني.

    استغل العثمانيون وجود صارع على الحكم في الدولة السعدية بين «أبي حسون الوطاسي» و«محمد الشيخ» وتدخلوا لصالح أبي حسون، لأن محمد الشيخ كان مواليًا للإسبان، وقام «صالح الرايس» والي الجزائر بمعارك عنيفة مع السعديين، وفي النهاية سقطت مدينة فاس في 3 صفر 964هـ، وأعلن الباب العالي ضم المغرب إلى الدولة العثمانية، بيد أن هذا الضم لم يستمر طويلاً، حيث سرعان ما عاد المغرب تحت حكم السعديين بعد مقتل أبي حسون الوطاسي.

    راجع: تاريخ الدولة السعدية، حرب الثلاثمائة سنة، جهود العثمانيين في إنقاذ الأندلس، عوامل نهوض وسقوط الأندلس
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:37 pm

    الجهــاد والفتوحات فـي خلافة معاوية بن أبي سفيان
    نعلم جميعاً أن حركة الفتوحات توقفت بعد استشهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه وظلت متوقفة في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبعد اجتماع كلمة المسلمين في خلافة معاوية عادت حركة الفتوح , وكان من بينها :
    - (51هـ) فتح جزيرة رودس على يد جنادة بن أمية الأزدي. في رمضان سنة 53 للهجرة , وكان موسى بن نصير أحد القادة الذين خرجوا لغزو جزيرة (رودس) التي انتصر المسلمون فيها.
    ولمّا فتح المسلمون جزيرة رودس فرحوا بنصرهم إلا أبا الدراداء بكى فسألوه ما يبكيك يا إمام؟ فقال هؤلاء الذين مكننّا الله منهم ألم يكونوا في منعة وغلَبة ثم نسوا الله فأنساهم أنفسهم فهانوا على الله فمكّننا الله تعالى منهم وإني لأخشى على المسلمين أن يهون الله عليهم فيهونوا على الله فيمكّن عدوهم منهم. وعلينا التطبيق أسوة برسول الله (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وعلينا أن نحرص على قراءة القرآن دائماً قراءة الحالّ المرتحل.
    ------------------------------
    أبو حفص عمر الأندلسي وفتح جزيرة رودس :
    وفي عام 210 هجرية فتح المسلمون بعض الجزر اليونانية مثل جزيرة "رودس" وجزيرة " كريت" بقيادة أبو حفص عمر الأندلسي..
    -------------------------------
    هارون الرشيد مجاهدًا /فتح جزيرة رودس
    كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبه وجهاده مع الروم، فلما ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريبًا، حتى إنه اتخذ قلنسوة مكتوبًا عليها: غاز وحاج.
    وقام الرشيد بتنظيم الثغور المطلة على بلاد الروم على نحو لم يعرف من قبل، وعمرها بالجند وزاد في تحصيناتها، وعزل الجزيرة وقنسرين عن الثغور، وجعلها منطقة واحدة، وجعل عاصمتها أنطاكية، وأطلق عليها العواصم، لتكون الخط الثاني للثغور الملاصقة للروم، ولأهميتها كان لا يولي عليها إلا كبار القادة أو أقرب الأقربين إليه، مثل "عبد الملك بن صالح" ابن عم أبي جعفر المنصور أو ابنه "المعتصم". وعمّر الرشيد بعض مدن الثغور، وأحاط كثيرًا منها بالقلاع والحصون والأسوار والأبواب الحديدية، مثل: قلطية، وسميساط، ومرعش، وكان الروم قد هدموها وأحرقوها فأعاد الرشيد بناءها، وأقام بها حامية كبيرة، وأنشأ الرشيد مدينة جديدة عرفت باسم "الهارونية" على الثغور. وأعاد الرشيد إلى الأسطول الإسلامي نشاطه وحيويته، ليواصل ويدعم جهاده مع الروم ويسيطر على الملاحة في البحر المتوسط، وأقام دارًا لصناعة السفن، وفكّر في ربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وعاد المسلمون إلى غزو سواحل بحر الشام ومصر، ففتحوا بعض الجزر واتخذوها قاعدة لهم، مثلما كان الحال من قبل، فأعادوا فتح "رودس" سنة (175هـ= 791م) ، وأغاروا أقريطش "كريت" وقبرص سنة (190هـ= 806م).
    واضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة، فعقدت "إيريني" ملكة الروم صلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له في سنة (181هـ= 797م)، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم، الذي خلف إيريني في سنة (186هـ = 802م)، وكتب إلى هارون: "من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الأخ، فحملت إليك من أموالها، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك".
    فلما قرأ هارون هذه الرسالة ثارت ثائرته، وغضب غضبًا شديدًا، وكتب على ظهر رسالة الإمبراطور: "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".
    وخرج هارون بنفسه في (187 هـ= 803م)، حتى وصل "هرقلة" وهي مدينة بالقرب من القسطنطينية، واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى الخليفة كما كانت تفعل "إيريني" من قبل، ولكنه نقض المعاهدة بعد عودة الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله في عام (188هـ= 804م) وهزمه هزيمة منكرة، وقتل من جيشه أربعين ألفا، وجُرح نقفور نفسه، وقبل الموادعة، وفي العام التالي (189هـ=805م) حدث الفداء بين المسلمين والروم، ولم يبق مسلم في الأسر، فابتهج الناس لذلك.
    غير أن أهم غزوات الرشيد ضد الروم كانت في سنة ( 190 هـ= 806م)، حين قاد جيشًا ضخماً عدته 135 ألف جندي ضد نقفور الذي هاجم حدود الدولة العباسية، فاستولى المسلمون على حصون كثيرة، كانت قد فقدت من أيام الدولة الأموية، مثل "طوانة" بثغر "المصيصة"، وحاصر "هرقلة" وضربها بالمنجنيق، حتى استسلمت، وعاد نقفور إلى طلب الهدنة، وخاطبه بأمير المؤمنين، ودفع الجزية عن نفسه وقادته وسائر أهل بلده، واتفق على ألا يعمر هرقلة مرة أخرى.
    لفتة لطيفة :
    بلاط الرشيد محط أنظار العالم
    ذاع صيت الرشيد وطبق الآفاق ذكره، وأرسلت بلاد الهند والصين وأوروبا رسلها إلى بلاطه تخطب وده، وتطلب صداقته، وكانت سفارة "شارلمان" ملك الفرنجة من أشهر تلك السفارات، وجاءت لتوثيق العلاقات بين الدولتين، وذلك في سنة ( 183 هـ= 779م)؛ فأحسن الرشيد استقبال الوفد، وأرسل معهم عند عودتهم هدايا قيمة، كانت تتألف من حيوانات نادرة، منها فيل عظيم، اعتبر في أوروبا من الغرائب، وأقمشة فاخرة وعطور، وشمعدانات، وساعة كبيرة من البرونز المطلي بالذهب مصنوعة في بغداد، وحينما تدق ساعة الظهيرة، يخرج منها اثنا عشر فارسًا من اثنتي عشرة نافذة تغلق من خلفهم، وقد تملك العجب شارلمان وحاشيته من رؤية هذه الساعة العجيبة، وظنوها من أمور السحر.
    ---------------------------
    المماليك وفتح جزيرة رودس :
    لم يبق من رواسب الصليبين في الشرق الأدنى سوى دولة الفرسان (الإستبارية) في رودس، وقد نزح الفرسان إلى جزيرة قبرص أولاً بعد سقوط عكا في يد المماليك عام 691هـ، ثم انتقلوا إلى رودس بعد سقوط قبرص عام 829هـ، في يد المماليك، وأسهمت الجزيرة من يومها في الغارات المتكررة على سواحل دولة المماليك في مصر والشام.
    ـ أيقن الفرسان في رودس أن سقوط قبرص في يد المماليك سوف يعقبه الهجوم على رودس لذلك كلف رئيس الإستبارية في هذا الوقت فلوفيان مندوبه أن يعرض على السلطان المملوكي عقد معاهدة عدم الاعتداء بينهما، وأرسل هدية إلى السلطان، ووعد بدفع جزية سنوية، ورغم ذلك لم يأمن الإستبارية على علاقاتهم مع المماليك فأخذوا يستعدون للمواجهة المحتملة، فأقاموا الحصون والأسوار والأبراج لحماية الجزيرة، وضاعفوا استعداداتهم حتى لا يؤخذوا على غرة.
    ـ الظاهر جقمق (842 ـ 857هـ): تولى الظاهر جقمق بعد أن خلع يوسف بن برسباي، الذي خلف أباه وكان صغيرًا، وعزم جقمق على فتح جزيرة رودس.
    فتح جزيرة رودس :
    من أهم الأسباب التي دفعت جقمق لفتح رودس ما يلي :
    1- كانت جزيرة رودس مركزاً هاماً للصليبين في شرق البحر المتوسط .
    2- تحريض السلطان مراد الثاني العثماني لجقمق على غزو رودس ؛ ليشغل فرسان الإسبتاريه برودس عن الإنضمام للحلف المسيحي الكبير الذي هدف لشن حملة صليبية جديدة ضد العثمانيين .
    3- رغبة جقمق في أن يحذو حذو برسباي من ناحية ، وحتي يصرف أنظار المماليك عن النزاعات الداخلية ، ويوجه طاقتهم نحو الغزو الخارجي من ناحية ثانية .
    حملات جقمق على رودس :
    1ـ الحملة الأولى 842هـ = 1440م : كانت صغيرة ، وكانت إستطلاعية بالدرجة الأولى .خرجت من دمياط واتجهت إلى قبرص للتموين، باعتبارها قاعدة مملوكية، ثم توجهت إلى جزيرة رودس، وهناك وجد المسلمون أن فرسان الإستبارية على أتم الاستعداد لمواجهة المسلمين، ودارت عدة معارك بحرية انتهت بفشل المسلمين في اقتحام الجزيرة، فانسحبوا وعادوا إلى مصر.
    2ـ الحملة الثانية 846هـ = 1443 م : كانت بقيادة الأمير إنيال العلائي ، أبحرت من دمياط، واتجهت نحو بيروت وطرابلس، لتنضم إليها القوات الشامية، ثمّ توجهت إلى ليماسول في قبرص للتزود بالمؤن، ومنها إلى ساحل آسيا الصغرى الجنوبي لتنقض على المدينة، ولكن كانت هناك جزيرة صغيرة تسمى (الحصن الأحمر)، وكانت تابعة للإستبارية أطلقت المدافع على الحملة الإسلامية، فغضب المسلمون وهاجموها واستولوا عليها، ثم توجهت الى رودس , وحققت بعض النجاحات بضم بعضاً من قلاع رودس ، إلا أن عواصف الشتاء ونفاد المؤن والذخيرة، جعل الحملة تعود إضطرتها للعودة إلى القاهرة.
    3ـ الحملة الثالثة 848هـ = 1444 م : أصر الظاهر جقمق على فتح الجزيرة، فقام بإرسال حملة جديدة لإتمام عملية الفتح، وكانت هي أكبر الحملات وأوفرها عدة وعتاد ، وأنفق عليها أموالاً طائلة، ووجها إلى رودس مباشرة، وتمكن المسلمون من إنزال قواتهم إلى البر حيث جرى قتال عنيف، ووصلوا العاصمة وحاصروها. واستمر الحصار أربعين يومًا، وواجهتها بعض الصعاب متمثلة في : شدة مقاومة الإسبيتارية ، فضلا عن مساعدات الغرب المسيحي للجنود في رودس ، فدخلت قوات أوروبية على خط المعركة لنصرة الفرسان، الذين ارتفعت معنوياتهم، فصمدت العاصمة في مواجهة الحصار، بل واندفعوا إلى خارج المدينة، واصطدموا بالمسلمين وهاجموا الأسطول الإسلامي , وهكذا رأى قائدا الحملة الأمير إنال العلائي وتماباي إنهاءها بالصلح ، بعد أن تعهد الإسبتاريه بعدم التعرض للمسلمين أوالإضرار بتجارتهم .وانسحبوا من الجزيرة وعادوا إلى دمياط.
    --------------------------
    السلطان سليمان القانوني / وفتح جزيرة رودس 929هـ:
    وهي مذكورة في المداخلة رقم 9 : ومختصرها :
    عزم السلطان سليمان القانوني على إخلاء الجزيرة من الفرسان الصليبيين , وأقلعت الأساطيل تحت قيادة القبودان ييلان مصطفى باشا ووداماد مصطفى باشا والسلطان تجاه جزيرة رودس , وأخذت السفن تمر أمام قلعتها الحصينة ضاربة الحصار حول مدينة رودس براً وبحراً وتخريب قلاعهم بالمدافع , واستمر الحصار سبعة شهور متوالية وطلب الفرسان تسليم المدينة للسلطان , رغم فشل سفن أوروبا مساعدة الفرسان بعد أن خسروا خسائر عظيمة , فعقد السلطان شروط التسليم بمغادرة الفرسان للجزيرة مع أمتعتهم وأسلحتهم الخصوصية في 7 صفر سنة 929هـ 1522 م ودخلها جنوده, وذهب فرسان القديس يوحنا إلى جزيرة مالطة وأمن السلطان الأهالي وصرح لهم بمعاطاة أعمالهم وإجراء رسوم دينهم بكامل الحرية.
    -------------------------
    رودس اليوم :
    أكثر المسلمين في اليونان متمسكون بعقائدهم وعباداتهم ويتحلون بالأخلاق الإسلامية التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم. أما حالة المسلمين الذين يعيشون في جزيرة (رودس) ..حيث يبلغ مجموع المسلمين فيها 15ألفاً تقريباً .. فتبعث على الأسى والحسرة في النفوس؛ . لأنهم أصبحوا منعزلين بعد إنفصال جزيرتهم عن تركية وعاشوا هملاً. ولم يصل إليهم داعية إسلامي منذ خمسين سنة . وفي جزيرة (رودس) خمسة مساجد من بقايا عهود الدولة العثمانية تبكي على الإسلام زوال دولته من هاتيك الديار ويصلون فيها صلاة الجمعة والعيدين، وهذه المساجد تركت لتنهار وحدها . وحالة المسلمين في تراقيا الغربية تبعث الأمل في النفوس لدى مقارنة حالهم بحالة المسلمين في جزيرة رودس؛ حيث نرى أن في مدينة كوملجنه خمسة عشر مسجداً كبيراً إلى جانب المساجد الصغيرة الموجودة في الأحياء حيث تقام الصلاة في كل مسجد منها بأوقاتها الخمسة كما توجد في القرى التي يقطنها المسلمون الأتراك مساجد ترتفع مآذنها دالة على دين سكانها. كما يوجد في كل ولاية من ولايات تراقيا الغربية المسلمة فقيه، يتولى أمور النكاح والطلاق والميراث والمعاملات الشرعية والإشراف على أئمة المساجد وخطبائها ومؤذنيها ومدرسيها. كما توجد في كل ولاية إدارة للأوقاف الإسلامية لا تخضع لأي إشراف من الحكومة اليونانية. ويشرف على هذه الإدارات هيئة منتخبة لمدة أربع سنوات تتولى صرف واردات الأوقاف على إصلاح شأن المساجد ومساعدة المدارس الإسلامية وصرف رواتب الأئمة والواعظين والمؤذنين.
    avatar
    الحرية الحمراء


    عدد الرسائل : 22
    العمر : 58
    تاريخ التسجيل : 13/05/2008

    صسي رد: معارك حاسمة وابطال خلدهم التاريخ

    مُساهمة من طرف الحرية الحمراء الأحد مايو 18, 2008 12:37 pm

    الفتح الاسلامي في فرنسا
    أمير الأندلس عنبسة بن سحيم الكلبي وصل بلدة " سانس" على بعد ثلاثين كيلومترًا جنوبي باريس

    معركة تولوز
    (9 ذي الحجة 102هـ/9 يونيو 721م)
    بين الأمويين والغاليين.

    عقب وفاة سليمان بن عبد الملك في (العاشر من صفر سنة 99هـ = 22 من سبتمبر 717م) وخلفه ابن عمه عمر بن عبد العزيز،انتقلت تبعية و لاية الاندلس من ولاية افريقة إلى تبعية الخليفة مباشرة و بدء الخليفة الجديد في اختيار وال جديد لهذة الولاية . وكان ذلك الوالي الكفء الذي اختاره الخليفة لولاية الأندلس هو "السمح بن مالك الخولاني"، تخيّره الخليفة لأمانته وكفاءته وإخلاصه وشجاعته , وأمره أن يعدل بين الناس وطلب منه و أن يكتب له بصفة الأندلس، وأنهارها وبحرها، فلما استقر السمح هناك كتب إليه يعرفه بقوة الإسلام وكثرة مدائنهم، وشرف معاقلهم؛ فلما استوثق الخليفة عمر من أهمية الأندلس، وثبات أقدام المسلمين فيها أولاها من عنايته ما هي جديرة به. ولم يكد السمح بن مالك يتولى أمر الأندلس حتى اظهر كفاية منقطعة النظير في اصلاح احوال البلاد، فانتظمت أمورها، ونعم الناس بالأمن والسلام، وتحسنت موارد الدولة، و استغل جهودة و الوفرة من المال المتوفر في الولاية في إصلاح مرافق الولاية.

    وحدث أن قنطرة "قرطبة" الرومانية التي كانت مقامة على نهر الوادي الكبير للاتصال بنواحي جنوبي الأندلس قد تهدمت، واستعان الناس بالسفن للعبور، وكان في ذلك مشقة عليهم، وأصبح المسلمون في حاجة إلى بناء قنطرة متينة يستطيعون العبور عليها من الجنوب إلى قرطبة عاصمتهم الجديدة، ووجد السمح بن مالك أن خير ما ينفق فيه هذا المال هو بناء تلك القنطرة، فكتب إلى الخليفة عمر في دمشق يستأذنه في بناء القنطرة فأذن له، فقام السمح ببنائها على أتم وأعظم ما يكون البناء. فأصبحت متنزه أهل قرطبة ومدار خيال شعراء الأندلس


    الاتجاه إلى الفتح
    وبعد أن اطمأن السمح بن مالك إلى أحوال أمور الأندلس، بدأ السمح يفكر في معاودة الفتح، ورد المتربصين بولايته من أمراء ما وراء جبال البرنيس .

    واخترقت جيوش السمح جبال البرنيس من الشرق، وسيطر على عدد من القواعد هناك، واستولى على "سبتمانيا" في جنوبي فرنسا، وأقام بها حكومة إسلامية، ووزع الأراضي بين الفاتحين والسكان، وفرض الجزية على النصارى، وترك لهم حرية الاحتكام إلى شرائعهم، ثم زحف نحو الغرب ليغزو "أكوتين".

    وكانت مملكة الفرنج حينما عبر المسلمون إلى غاليا –فرنسا- تفتك بها الخلافات والحروب بين أمرائها، غير أن الأمير "أدو" دوق أكوتين كان أقوى أمراء الفرنج في غاليا وأشدهم بأسا، نجح في غمرة الاضطراب الذي ساد المملكة أن يستقل بأكوتين، ويبسط نفوذه وسلطانه على جميع أنحائها في الجنوب من اللوار إلى البرنية.

    فلما زحف السمح بن مالك إلى الغرب ليغزو أكوتين قاومه البشكنس -سكان هذه المناطق- أشد مقاومة، لكنه نجح في تمزيق صفوفهم، وقصد إلى تولوشة - تولوز. وفي أثناء سيره جاءت الأخبار بأن الدوق "أدو" أمير أكوتين جمع جيشا كبيرا لرد المسلمين، وإخراجهم من فرنسا، فآثر السمح بن مالك ملاقاة عدوه على كثرة عددهم عن مهاجمة تولوشة، والتقى الفريقان بالقرب منها، ونشبت بينهما معركة هائلة في 9 ذي الحجة 102هـ/9 يونيو 721م، سالت فيها الدماء غزيرة، وكثر القتل بين الفريقين، وأبدى المسلمون رغم قلتهم شجاعة خارقة وبسالة وصبرًا، وتأرجح النصر بين الفريقين دون أن يحسم لصالح أحد من الفريقين، حتى سقط "السمح" شهيدًا من على جواده، فاختلت صفوف المسلمين، ووقع الاضطراب في الجيش كله، وعجز قادة الجيش أن يعيدوا النظام إلى الصفوف، وارتد المسلمون إلى "سبتمانيا" بعد أن فقدوا زهرة جندهم، وسقط عدد من كبار قادتهم.


    العودة إلى الأندلس
    وعلى إثر استشهاد السمح بن مالك اختار الجيش أحد زعمائه "عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي"، فبذل جهدًا خارقًا ومهارة فائقة في جمع شتات الجيش، والتقهقر به إلى الأندلس، وأقام نفسه واليًا على الأندلس عدة أشهر قليلة حتى يأتي الوالي الجديد، وفي هذه المدة القليلة نجح عبد الرحمن الغافقي في ضبط أمور الولاية، والقضاء على الفتن التي ظهرت في الولايات الجبلية الشمالية.

    ثم تولى عنبسة بن سحيم الكلبي أمر الأندلس في (صفر 103هـ = أغسطس 722م)، وكان من طراز السمح بن مالك كفاءة وقدرة وورعًا وصلاحًا، له شغف بالجهاد وحرص على نشر الإسلام وتوسيع دولته، وما إن استقرت الأمور في الأندلس بعد اضطراب واختلال حتى عاود الفتح، وخرج على رأس جيشه من قرطبة، وسار نحو سبتمانيا التي فقد المسلمون كثيرًا من قواعدها، وتابع زحفه شمالاً في وادي الرون، ولم تقف هذه الجملة الظافرة إلا قرب بلدة "سانس" على بعد ثلاثين كيلومترًا جنوبي باريس، وخشي "أدو" دوق أكوتين أن يهاجمه المسلمون مرة أخرى، فسعى إلى مفاوضتهم ومهادنتهم، وبذلك بسط المسلمون نفوذهم في شرق جنوبي فرنسا.

    ولما لم يكن في نية عنبسة الاستقرار في تلك المناطق، فقد عاد إلى بلاده بعد أن أعاد نفوذ المسلمين في مملكة غالة، قاطعًا نحو ألف ميل شمالي قرطبة، وفي طريق العودة داهمته جموع من الفرنجة، فالتحم معها في معركة أصيب أثناءها بجراح بالغة توفي على إثرها في (شعبان 107هـ = ديسمبر 725م)، بعد أن انفرد بين الفاتحين المسلمين بفخر الوصول برايات الإسلام إلى قلب أوروبا الغربية، ولم يدرك هذا الشأو بعد ذلك فاتح مسلم آخر.

    وقد تكررت محاولات المسلمين لفتح مملكة غالة والاستقرار بها ثم التوسع في قلب أوروبا لنشر الإسلام بها، لكنها لم تلقَ نجاحًا، وكانت آخر تلك المحاولات ما قام به القائد العظيم عبد الرحمن الغافقي، لكن استشهاده في معركة بلاط الشهداء (رمضان 114هـ = أكتوبر 732م) فضل بعدها المسلمون استقرارهم وتطوير العلم على هذا النوع من الفتوحات.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد سبتمبر 29, 2024 4:21 am